للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُدَّخَرُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، كَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ جُعِلَا لِلْبَقَاءِ فِي الْمُعَشَّرَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْلِ فِي الْمَاشِيَةِ وَالْجَرِينِ. فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْخُضْرَاوَاتِ وَبَيْنَ الْمُدَّخَرَاتِ. وَقَدْ يُلْحِقُ بِالْمُوسَقِ الْمَوْزُونَاتِ، كَالْقُطْنِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَيُوجِبُهَا فِي الْعَسَلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي جَمَعَهَا هُوَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ لَمْ تَبْلُغْهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفَةٍ، وَتَسْوِيَةٍ بَيْنَ جِنْسِ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْأَرْضِ.

وَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ حَقُّ الزَّرْعِ، وَالْخَرَاجَ حَقُّ الْأَرْضِ، وَصَاحِبَا أبي حنيفة قَوْلُهُمَا هُوَ قَوْلُ أحمد أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ.

[مِقْدَارُ الصَّاعِ وَالْمُدِّ]

وَأَمَّا مِقْدَارُ الصَّاعِ وَالْمُدِّ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ، وَالْمُدَّ رُبُعُهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الحجاز فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْمِيَاهِ. وَقِصَّةُ مالك مَعَ أبي يوسف فِيهِ مَشْهُورَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أحمد أَوْ أَكْثَرِهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَالْمُدُّ رُبُعُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي الْجَمِيعِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ صَاعَ الطَّعَامِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ، وَصَاعَ الطَّهَارَةِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. كَمَا جَاءَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَثَرُ. فَصَاعُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ: هُوَ ثُلُثَا صَاعِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أحمد وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَنْ تَأَمَّلَ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ.

<<  <   >  >>