الْفَجْرِ الَّذِي [يَجُوزُ طُلُوعُهُ] جَازَ لَهُ الْإِمْسَاكُ وَالْأَكْلُ، وَإِنْ أَمْسَكَ وَقْتَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِاسْتِحْبَابِ الْإِمْسَاكِ، لَكِنْ [لَوْ شَكَّ فِي طُلُوعِ النَّهَارِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ] .
وَأَكْثَرُ نُصُوصِ أحمد إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ صَوْمَهُ وَيَفْعَلُهُ لَا أَنَّهُ يُوجِبُهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِمَا نَقَلَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِلِ ابْنِهِ عبد الله والفضل بن زياد القطان وَغَيْرِهِمْ، أَخَذَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ عبد الله بن عمر وَنَحْوِهِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ فِي حَالِ الْغَيْمِ، لَا يُوجِبُونَ الصَّوْمَ، وَكَانَ غَالِبُ النَّاسِ لَا يَصُومُونَ، وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِمُ التُّرْكَ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَحِبَّ الصَّوْمَ فِي الصَّحْوِ، بَلْ نَهَى عَنْهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ الْهِلَالِ، فَصَوْمُهُ تَقْدِيمٌ لِرَمَضَانَ بِيَوْمٍ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ.
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ: هَلْ يُسَمَّى يَوْمُ الْغَيْمِ يَوْمَ شَكٍّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا يَوْمُ الصَّحْوِ عِنْدَهُ: فَيَوْمُ شَكٍّ أَوْ يَقِينٍ مِنْ شَعْبَانَ يَنْهَى عَنْ صَوْمِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ. وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ فِي وُجُوبِهِ - كَمَا لَوْ شَكَّ فِي وُجُوبِ زَكَاةٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ، أَوْ صَلَاةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ - لَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ احْتِيَاطًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute