للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِثْلَ: تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ بِمَالٍ يُحْمَلُ مَعَهَا إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَا عَارِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَاتُ: مِثْلَ: رُكُوبِ سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ الْمُكَارِي، وَرُكُوبِ دَابَّةِ الْجَمَّالِ أَوِ الْحَمَّارِ، أَوِ الْبَغَّالِ الْمُكَارِي عَلَى الْوَجْهِ [الَّذِي اعْتُقِدَ] أَنَّهُ إِجَارَةٌ، وَمِثْلَ الدُّخُولِ إِلَى الْحَمَّامَاتِ الَّتِي يَدْخُلُهَا النَّاسُ بِالْأُجْرَةِ، وَمِثْلَ دَفْعِ الثَّوْبِ إِلَى غَسَّالٍ أَوْ خَيَّاطٍ يَعْمَلُ بِالْأَجْرِ، أَوْ دَفْعِ الطَّعَامِ إِلَى طَبَّاخٍ أَوْ شَوَّاءٍ يَطْبُخُ أَوْ يَشْوِي بِالْأَجْرِ، سَوَاءٌ شَوَى اللَّحْمَ مَشْرُوحًا أَوْ غَيْرَ مَشْرُوحٍ، حَتَّى اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي الْخُلْعِ، هَلْ يَقَعُ بِالْمُعَاطَاةِ؟ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ: اخْلَعْنِي بِهَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ بِهَذَا الثَّوْبِ، فَيَقْبِضُ الْعِوَضَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْمُعَاوَضَةِ.

فَذَهَبَ الْعُكْبَرِيُّونَ كأبي حفص العكبري وأبي علي بن شهاب إِلَى أَنَّ ذَلِكَ خُلْعٌ صَحِيحٌ، وَذَكَرُوا مِنْ كَلَامِ أحمد وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ، وَلَعَلَّهُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى نُصُوصِهِ، بَلْ لَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ، وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ بِالْكِتَابِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» ، قَالَ: وَإِذَا كَتَبَ فَقَدْ عَمِلَ.

وَذَهَبَ الْبَغْدَادِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كأبي عبد الله بن حامد، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ، كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ: أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إِلَّا بِالْكَلَامِ وَذَكَرُوا مِنْ كَلَامِ أحمد مَا اعْتَمَدُوهُ فِي ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ فَسْخُ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ يَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظٍ، فَكَذَلِكَ فَسْخُهُ.

<<  <   >  >>