وَالثَّانِي: الْجَوَازُ، وَهُوَ قَوْلُ أبي الخطاب.
وَزَادَ الليث عَلَى هَؤُلَاءِ فَقَالَ: صَلَاحُ الْجِنْسِ - كَالتُّفَّاحِ وَاللَّوْزِ - يَكُونُ صَلَاحًا لِسَائِرِ أَجْنَاسِ الثِّمَارِ.
وَمَأْخَذُ مَنْ جَوَّزَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ بَيْعَ بَعْضِ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ يُفْضِي إِلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَاخْتِلَافِ الْأَيْدِي. وَهَذِهِ عِلَّةُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ وَالْبَسَاتِينِ، وَمَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ قَالَ: الْمَقْصُودُ الْأَمْنُ مِنَ الْعَاهَةِ. وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِشُرُوعِ الثَّمَرِ فِي الصَّلَاحِ.
وَمَأْخَذُ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» ، يَقْتَضِي بُدُوَّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ.
وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ: أَنَّ مِنْ جَوَّزَ بَيْعَ الْبُسْتَانِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لِبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ، فَقِيَاسُ قَوْلِهِ: جَوَازُ بَيْعِ الْمَقْثَاةِ إِذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهَا، وَالْمَعْدُومُ هُنَا فِيهَا كَالْمَعْدُومِ مِنْ أَجْزَاءِ الثَّمَرَةِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ، إِذْ تَفْرِيقُ الْأَشْجَارِ فِي الْبَيْعِ أَيْسَرُ مِنْ تَفْرِيقِ الْبِطِّيخَاتِ وَالْقِثَّاءَاتِ وَالْخِيَارَاتِ، وَتَمْيِيزُ اللَّقْطَةِ عَنِ اللَّقْطَةِ لَوْ لَمْ يَشُقَّ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَا يَنْضَبِطُ، فَإِنَّ اجْتِهَادَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مُتَفَاوِتٌ.
وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا: أَنَّ أُصُولَ أحمد تَقْتَضِي مُوَافَقَةَ مالك فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، كَمَا قَدْ يُرْوَى عَنْهُ فِي بَعْضِ الْجَوَابَاتِ، أَوْ قَدْ خَرَّجَهُ أَصْحَابُهُ عَلَى أُصُولِهِ، وَكَمَا أَنَّ الْعَالِمَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ قَوْلَانِ فِي وَقْتَيْنِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute