للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رافع أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أبو رافع فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» .

فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِسْلَافِ فِيمَا سِوَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ، كَمَا عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْحَدِيثِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقَرْضَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الْمِثْلِ، وَالْحَيَوَانُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ، وَبِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ عِوَضًا عَنْ مَالٍ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ مِثْلُ الْحَيَوَانِ تَقْرِيبًا فِي الذِّمَّةِ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ، وَوَجْهٍ فِي مَذْهَبِ أحمد أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْقِيمَةِ.

وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: هُوَ التَّقْرِيبُ، وَإِلَّا فَيَعْجِزُ الْإِنْسَانُ عَنْ وُجُودِ حَيَوَانٍ مِثْلِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ، وَأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِالْقِيمَةِ.

وَأَيْضًا: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْجِيلِ الدُّيُونِ إِلَى الْحَصَادِ وَالْجِدَادِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد، إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، كَقَوْلِ مالك، وَحَدِيثُ جابر الَّذِي فِي الصَّحِيحِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

وَأَيْضًا: فَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <   >  >>