بِصُوفٍ أَوْ لَبَنٍ رِوَايَتَانِ. وَأَكْثَرُ أُصُولِهِ عَلَى الْجَوَازِ، كَقَوْلِ مالك، فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، وَكَانَ مَقْصُودُهُ الْعَبْدَ: جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَجْهُولًا، أَوْ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّهُ يَقُولُ: إِذَا ابْتَاعَ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا فِيهَا ثَمَرٌ، أَوْ زَرْعٌ لَمْ يُدْرِكْ، يَجُوزُ إِذَا كَانَ مَقْصُودُهُ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ.
وَهَذَا فِي الْبَيْعِ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فِي الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ ابْتِيَاعَ الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَائِهَا، وَاشْتِرَاءَ النَّخْلِ وَدُخُولَ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تَأْمَنِ الْعَاهَةَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِ ثَمَرِ النَّخَلَاتِ وَالْعِنَبِ فِي الْإِجَارَةِ تَبَعًا.
وَحُجَّةُ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمَنْعِ: مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ، وَبَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، كَمَا أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ» ، وَفِيهِمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: " «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ "، قِيلَ: وَمَا تُشَقِّحُ؟ قَالَ: " تَحْمَارُّ أَوْ تَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا» " وَفِي رِوَايَةٍ لمسلم: أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ مِنْ كَلَامِ سعيد بن المثنى الْمُحَدِّثِ عَنْ جابر.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جابر قَالَ: " «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالْمُخَابَرَةِ» "، وَفِي رِوَايَةِ لَهُمَا " «وَعَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» " بَدَلَ " الْمُعَاوَمَةِ "، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عطاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute