تَفْرِيقِهِمَا ضَرَرٌ - أُولَى، وَلِذَلِكَ جَازَ بَيْعُ الشَّاةِ مَعَ اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُمَا بِالْحَلْبِ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ اللَّبَنِ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ.
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ: فَيَجُوزُ مَتَى كَانَ مَعَ الشَّجَرِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، كَمَنْفَعَةِ أَرْضٍ لِلزَّرْعِ أَوْ بِنَاءٍ لِلسَّكَنِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الثَّمَرَ فَقَطْ، وَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ أَوِ الْمَسْكَنِ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنَ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ لِمُجَرَّدِ الْحِيلَةِ، كَمَا قَدْ يُفْعَلُ فِي مَسَائِلِ " مُدِّ عَجْوَةٍ " لَمْ يَجِئْ هَذَا الْأَصْلُ.
الْأَصْلُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: إِكْرَاءُ الشَّجَرِ لِلِاسْتِثْمَارِ يَجْرِي مَجْرَى إِكْرَاءِ الْأَرْضِ لِلِازْدِرَاعِ، وَاسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ لِلرِّضَاعِ، وَذَلِكَ: أَنَّ الْفَوَائِدَ الَّتِي [تُسْتَخْلَفُ] مَعَ بَقَاءِ أُصُولِهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَنَافِعِ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْيَانًا، وَهِيَ ثَمَرُ الشَّجَرِ وَلَبَنُ الْآدَمِيَّاتِ، وَالْبَهَائِمُ وَالصُّوفُ، وَالْمَاءُ الْعَذْبُ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا خَلَقَ مِنْ هَذِهِ شَيْءٌ فَأُخِذَ، خَلَقَ اللَّهِ بَدَلَهُ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ، كَالْمَنَافِعِ سَوَاءٌ، وَلِهَذَا جَرَتْ فِي الْوَقْفِ وَالْعَارِيَةِ وَالْمُعَامَلَةِ بِجُزْءٍ مِنَ النَّمَاءِ مَجْرَى الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ، فَإِذَا جَازَ وَقْفُ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَوِ الرِّبَاعِ لِمَنْفَعَتِهَا، فَكَذَلِكَ وَقْفُ الْحِيطَانِ لِثَمَرَتِهَا، وَوَقْفُ الْمَاشِيَةِ لِدَرِّهَا وَصُوفِهَا، وَوَقْفُ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ لِمَائِهَا، بِخِلَافِ مَا يَذْهَبُ بِالِانْتِفَاعِ كَالطَّعَامِ، وَنَحْوِهِ فَلَا يُوقَفُ.
وَأَمَّا بَابُ الْعَارِيَةِ فَيُسَمُّونَ إِبَاحَةَ الظَّهْرِ إِفْقَارًا، يُقَالُ: أَفْقَرَهُ الظَّهْرُ، وَمَا أُبِيحَ لَبَنُهُ: مَنِيحَةً، وَمَا أُبِيحُ ثَمَرُهُ: عَرِيَّةً، وَغَيْرُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute