للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً أَصْلًا، وَإِنَّمَا جَاءَتْ لِأَجْلِ جِدَادِ الثَّمَرَةِ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ عِنَبًا أَوْ بَلَحًا، وَيُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ فِي الْحَدِيقَةِ لِقِطَافِهِ: فَهَذَا لَا يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ; لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إِنَّمَا قُصِدَتْ هُنَا لِأَجْلِ الثَّمَرِ، فَلَا يَكُونُ الثَّمَرُ تَابِعًا لَهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِجَارَتِهَا إِلَّا إِذَا جَازَ بَيْعُ الثَّمَرِ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ إِذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً احْتَاجَ إِلَى اسْتِئْجَارِهَا، وَاحْتَاجَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى اشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ، [فَاحْتَاجَ إِلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُمْكِنُهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ الْمَكَانَ لِلسُّكْنَى يَدَعُ غَيْرَهُ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ] وَلَا يَتِمُّ غَرَضُهُ مِنَ الِانْتِفَاعِ إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ ثَمَرَةٌ يَأْكُلُهَا، فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الِانْتِفَاعُ بِالسُّكْنَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالْأَكْلِ مِنَ الثَّمَرِ الَّذِي فِيهِ.

وَلِهَذَا إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ هُوَ السُّكْنَى، وَالشَّجَرُ قَلِيلٌ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ نَخَلَاتٌ أَوْ غَرِيسُ عِنَبٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْجَوَازُ هُنَا مَذْهَبُ مالك، وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نُصُوصِ أحمد وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مَعَ السُّكْنَى التِّجَارَةُ فِي الثَّمَرِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى، فَالْمَنْعُ هُنَا أَوْجَهُ مِنْهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مالك وأحمد، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ السُّكْنَى وَالْأَكْلُ: فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ قَصَدَ السُّكْنَى وَالشُّرْبَ مِنَ الْبِئْرِ. وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَأْكُولِ أَكْثَرَ: فَهُنَا الْجَوَازُ فِيهِ أَظْهَرُ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَدُونَ الْأُولَى عَلَى قَوْلِ مَنْ يُفَرِّقُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابن عقيل الْمَأْثُورِ عَنِ السَّلَفِ: فَالْجَمِيعُ جَائِزٌ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ. فَإِنِ اشْتَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَحْرُثَ لَهُ الْمُضَمِّنُ مَقْثَاةً فَهُوَ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ لِلزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا الْمُؤَجِّرُ، فَقَدِ اسْتَأْجَرَ أَرْضَهُ وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ عَمَلًا فِي الذِّمَّةِ. وَهَذَا جَائِزٌ، كَمَا لَوِ اسْتَكْرَى مِنْهُ جَمَلًا أَوْ حِمَارًا عَلَى أَنْ

<<  <   >  >>