للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا أَكْرَاهُ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ - كَمَا قَرَّرْتُمْ - لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْعُمُومِ ; لِأَنَّهُ إِجَارَةٌ لِمَنْ يَعْمَلُ، لَا بَيْعَ لِمُعَيَّنٍ، وَأَمَّا هَذَا فَبَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ، فَيَدْخُلُ فِي النَّهْيِ، فَكَيْفَ تُخَالِفُونَ النَّهْيَ؟

قُلْنَا: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا كَالْجَوَابِ عَمَّا يَجُوزُ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مِنَ ابْتِيَاعِ الشَّجَرِ مَعَ ثَمَرِهِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَابْتِيَاعِ الْأَرْضِ مَعَ زَرْعِهَا الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ، وَمَا نَصَرْنَاهُ مِنِ ابْتِيَاعِ الْمَقَاثِي، مَعَ أَنَّ بَعْضَ خَضَرِهَا لَمْ يُخْلَقْ، وَجَوَابُ ذَلِكَ بِطَرِيقَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّهْيَ لَمْ يَشْمَلْ بِلَفْظِهِ هَذِهِ الصُّورَةَ ; لِأَنَّ نَهْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ انْصَرَفَ إِلَى الْبَيْعِ الْمَعْهُودِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ ; لِأَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ تَنْصَرِفُ إِلَى مَا يَعْرِفُهُ الْمُخَاطَبُونَ. فَإِنْ كَانَ هُنَالِكَ شَخْصٌ مَعْهُودٌ أَوْ نَوْعٌ مَعْهُودٌ انْصَرَفَ الْكَلَامُ إِلَيْهِ، كَمَا انْصَرَفَ اللَّفْظُ إِلَى الرَّسُولِ الْمُعَيَّنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] [النُّورِ: ٦٣] وَفِي قَوْلِهِ: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٦] ، وَإِلَى النَّوْعِ الْمَخْصُوصِ: نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ [بِالثَّمَرِ] فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَرِ هُنَا الرُّطَبُ، دُونَ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَعْهُودُ شَخْصِيًّا وَلَا نَوْعِيًّا انْصَرَفَ إِلَى [الْعُمُومِ] [وَتَعْرِيفِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ] فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ لِلثَّمَرِ هُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ الَّذِي يَعْهَدُونَهُ، دَخَلَ كَدُخُولِ الْقَرْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِيمَا خَاطَبَ بِهِ الرَّسُولُ أَصْحَابَهُ.

وَنَظِيرُ هَذَا: مَا ذَكَرَهُ أحمد فِي " «نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَوْلِ الرَّجُلِ

<<  <   >  >>