[النِّسَاءِ: ٢٤] ، وَقَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] [النِّسَاءِ: ٣] . وَهَذَا الْحُكْمُ الْكُلِّيُّ ثَابِتٌ، سَوَاءٌ وُجِدَ هَذَا الْبَيْعُ الْمُعَيَّنُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. فَإِذَا وُجِدَ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ أَثْبَتَ مِلْكَهَا مُعَيَّنًا، فَهَذَا الْمُعَيَّنُ سَبَبُهُ فِعْلُ الْعَبْدُ، فَإِذَا رَفَعَهُ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا رَفَعَ مَا أَثْبَتَهُ هُوَ بِفِعْلِهِ، لَا مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُكْمِ [الْكُلِّيِّ، إِذْ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُكْمِ] الْجُزْئِيِّ إِنَّمَا هُوَ تَابِعٌ لِفِعْلِ الْعَبْدِ سَبَبُهُ فَقَطْ لِأَنَّ، الشَّارِعَ أَثْبَتَهُ ابْتِدَاءً.
وَإِنَّمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ رَفْعَ الْحُقُوقِ بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ مِثْلُ نَسْخِ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُطْلَقَ لَا يُزِيلُهُ إِلَّا الَّذِي أَثْبَتَهُ وَهُوَ الشَّارِعُ. وَأَمَّا هَذَا الْمُعَيَّنُ فَإِنَّمَا ثَبَتَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَدْخَلَهُ فِي الْمُطْلَقِ، فَإِدْخَالُهُ فِي الْمُطْلَقِ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إِخْرَاجُهُ: إِذِ الشَّارِعُ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي الْمُعَيَّنِ بِحُكْمٍ أَبَدًا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الثَّوْبُ بِعْهُ أَوْ لَا تَبِعْهُ، أَوْ هَبْهُ أَوْ لَا تَهَبْهُ، وَإِنَّمَا [حُكْمُهُ] عَلَى الْمُطْلَقِ الَّذِي إِذَا أُدْخِلَ فِيهِ الْمُعَيَّنُ عَلَى حُكْمِ الْمُعَيَّنِ.
فَتَدَبَّرْ هَذَا، وَفَرِّقْ بَيْنَ تَغْيِيرِ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ الْخَاصِّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْعَبْدُ بِإِدْخَالِهِ فِي الْمُطْلَقِ، وَبَيْنَ تَغْيِيرِ الْحُكْمِ الْعَامِّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ مِنَ الْعَبْدِ. وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْعُقُودَ لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إِلَّا مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ، فَإِنَّمَا وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا لِإِيجَابِ الشَّارِعِ الْوَفَاءَ بِهَا مُطْلَقًا، إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، عَلَى أَنَّ الْوَفَاءَ بِهَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْمِلَلُ، بَلْ وَالْعُقَلَاءُ جَمِيعُهُمْ. وَقَدْ أَدْخَلَهَا فِي الْوَاجِبَاتِ الْعَقْلِيَّةِ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ الْعَقْلِيِّ، فَفِعْلُهَا ابْتِدَاءً لَا يَحْرُمُ إِلَّا بِتَحْرِيمِ الشَّارِعِ، وَالْوَفَاءُ بِهَا وَجَبَ لِإِيجَابِ الشَّارِعِ إِذًا وَلِإِيجَابِ الْعَقْلِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute