للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَسَائِلُ أَحَدِ الْبَابَيْنِ مُخْتَلِطَةٌ بِمَسَائِلِ الْبَابِ الْآخَرِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا. وَلِذَلِكَ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ - كأبي الخطاب وَغَيْرِهِ - لَمَّا ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ بَابَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ، أَرْدَفُوهُ بِبَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ. وَطَائِفَةٌ أُخْرَى - كالخرقي وَالْقَاضِي أبي يعلى وَغَيْرِهِمَا - إِنَّمَا ذَكَرُوا بَابَ جَامِعِ الْأَيْمَانِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ أَمَسُّ. وَنَظِيرُ هَذَا بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ، مِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُهُ عِنْدَ بَابِ اللِّعَانِ، لِاتِّصَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَخِّرُهُ إِلَى كِتَابِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ أَخَصُّ.

وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ لِلْيَمِينِ صِيغَتَيْنِ: صِيغَةَ الْقَسَمِ، وَصِيغَةَ الْجَزَاءِ. فَالْمُقَدَّمُ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ مُؤَخَّرٌ فِي صِيغَةِ الْجَزَاءِ. وَالْمُؤَخَّرُ فِي صِيغَةِ الْجَزَاءِ مُقَدَّمٌ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ. وَالشَّرْطُ الْمَنْفِيُّ فِي صِيغَةِ الْجَزَاءِ مُثْبَتٌ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، فَقَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ. فَالطَّلَاقُ مُقَدَّمٌ وَالْفِعْلُ مُؤَخَّرٌ مَنْفِيٌّ. [وَلَوْ حَلَفَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ لَقَالَ] : إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، [فَكَانَ تَقَدُّمُ الْفِعْلِ مُثْبَتًا وَتَأَخُّرُ الطَّلَاقِ مَنْفِيًّا] . كَمَا أَنَّهُ فِي الْقَسَمِ قَدَّمَ الْحُكْمَ وَأَخَّرَ الْفِعْلَ. وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَنْحَلُّ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ.

فَأَمَّا صِيغَةُ الْجَزَاءِ: فَهِيَ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَتَّصِلُ بِهَا فِي الْأَصْلِ إِلَّا الْفِعْلُ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْقَسَمِ: فَتَكُونُ فِعْلِيَّةً، كَقَوْلِهِ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ، أَوْ تَاللَّهِ أَوْ وَاللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ

<<  <   >  >>