للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ قَدْ جَعَلَ الطَّلَاقَ عُقُوبَةً لَهَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِذَا ضَرَبْتِ أُمِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ خَرَجْتِ مِنَ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنَّهُ فِي الْخُلْعِ عَوَّضَهَا بِالتَّطْلِيقِ عَنِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا تُرِيدُ الطَّلَاقَ، وَهُنَا عَوَّضَهَا عَنْ [مَعْصِيَتِهَا] بِالطَّلَاقِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ: إِذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إِذَا مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الْحَوْلِ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي هُوَ تَوْقِيتٌ مَحْضٌ. فَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَجَّزِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَدَ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إِلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، بِمَنْزِلَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ يُؤَخِّرُ التَّطْلِيقَ مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ لِغَرَضٍ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ، لَا لِعِوَضٍ وَلَا لِحَلِفٍ عَلَى طَلَبٍ أَوْ خَبَرٍ. وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ بِطَلَاقِكِ، أَوْ إِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَعَبْدِي حُرٌّ، أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ، [فَإِنَّهُ] إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ أَوْ إِنْ لَمْ تَدْخُلِي وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مَعْنَى الْحَضِّ أَوِ الْمَنْعِ: فَهُوَ حَالِفٌ. وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقًا مَحْضًا، كَقَوْلِهِ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَيْسَ بِحَالِفٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ أبي حنيفة وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: هُوَ حَالِفٌ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ وُجُودَهُمَا جَمِيعًا - فَمِثْلُ

<<  <   >  >>