للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشْتَرَى بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا] ، فَلَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

لَكِنَّ الشَّارِعَ عَلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ بِهَا لَيَفْعَلَنَّ أَوْ لَا يَفْعَلُ لَيْسَ غَرَضُهُ الِاسْتِخْفَافَ بِحُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ وَالتَّعَلُّقَ بِهِ كَغَرَضِ الْحَالِفِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ. فَشَرَعَ لَهُ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّهُ حَلَّ هَذِهِ الْعُقْدَةَ وَأَسْقَطَهَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبُهُ شَيْئًا مِنَ [الْجِنَايَةِ] عَلَى إِيمَانِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْكَفَّارَةِ.

وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ مُوجَبَ الْيَمِينِ: انْعِقَادُ الْفِعْلِ بِهَذَا [الْيَمِينِ] الَّذِي هُوَ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ، فَإِذَا عُدِمَ الْفِعْلُ كَانَ [مُقْتَضَاهُ] عَدَمَ إِيمَانِهِ، هَذَا لَوْلَا مَا شَرَعَ اللَّهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ، كَمَا أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَجَبَ عَلَيَّ كَذَا، أَنَّهُ عِنْدَ الْحَلِفِ يَجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَوْلَا مَا شُرِعَ مِنَ الْكَفَّارَةِ.

يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ [كَاذِبًا] فَهُوَ كَمَا قَالَ» " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَجَعَلَ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ فِي قَوْلِهِ: " هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا "، كَالْغَمُوسِ فِي قَوْلِهِ: " وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا "، إِذْ هُوَ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ قَطَعَ عَهْدَهُ

<<  <   >  >>