فِيمَا إِذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَدْخُلُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ هُوَ نَفْسُ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ إِيقَاعِهِمَا وَالْحَلِفِ بِهِمَا ظَاهِرٌ. وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَاعِدَةَ الِاسْتِثْنَاءِ.
فَإِذَا كَانُوا قَدْ أَدْخَلُوا الْحَلِفَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» "، فَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» "، فَإِنَّ كِلَا اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ، وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
فَإِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» "، لَفْظُ الْعُمُومِ فِيهِ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ". وَإِذَا كَانَ لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ لَفْظُهُ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ يَنْفَعُ فِيهِ التَّكْفِيرُ، وَكُلُّ مَا يَنْفَعُ فِيهِ التَّكْفِيرُ يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أحمد فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّسُولَ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» " جَمِيعَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا، مِنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَبِالنَّذْرِ وَبِالطَّلَاقِ وَبِالْعَتَاقِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: " «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا» إِلَخْ " إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ بِاللَّهِ، أَوِ الْيَمِينَ بِاللَّهِ وَالنَّذْرِ، فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ. فَإِنَّ حُضُورَ مُوجَبِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِقَلْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ حُضُورِ مُوجَبِ اللَّفْظِ الْآخَرِ، إِذْ كِلَاهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ [رَفْعُ] الْيَمِينِ: إِمَّا بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَإِمَّا بِالتَّكْفِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute