للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَيْسَ لِطُولِ صَلَاتِهِ حَدٌّ تَكُونُ بِهِ الصَّلَاةُ خَفِيفَةً، بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِأَجْلِ مُرَاعَاةِ الْمَأْمُومِينَ؛ فَإِنَّ خَلْفَهُ السَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ؛ وَلِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ بِتَخْفِيفِهَا عَنِ الْإِطَالَةِ إِذَا عَرَضَ لِلْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ عَارِضٌ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ وَجْدِ أُمِّهِ» " وَبِذَلِكَ عَلَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ [ابْنِ مَسْعُودٍ] .

وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» "، وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» ".

وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَصِّرُهَا أَحْيَانًا عَمَّا كَانَ يَفْعَلُ غَالِبًا، كَمَا رَوَى مسلم فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " «كَأَنِّي أَسْمَعُ صَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ - الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: ١٥ - ١٦] » "، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِسُورَةِ الزَّلْزَلَةِ، وَكَانَ يُطَوِّلُهَا أَحْيَانًا حَتَّى ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " «أَنَّ أم الفضل بنت الحارث سَمِعَتْهُ وَهُوَ

<<  <   >  >>