للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب بين مؤلفات ابن الجوزى التاريخيّة

يُعدّ ابن الجَوزيّ من المصنِّفين المكثرين، وقد قال عنه الحافظ الذهبىّ: "وما علمتُ أحدًا من العلماء صنَّفَ ما صنَّف هذا الرجل" (١).

وقد دارت تصانيف ابن الجوزيّ حول معظم فنون العربيّة: فى التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه واللغة والأدب والوعظ والتصوّف.

ويحتلُّ "التاريخ" مكانة بارزة فى مؤلفات ابن الجوزي، ومن أشهر مصنَّفاته التاريخية مما هو مطبوع: المنتظم، وصفة الصفوة، وشذور العقود فى تاريخ العهود، وتلقيح فهوم أهل الأثر، وكتاب القُصّاص والمذكِّرين، والذهب المسبوك فى سير الملوك، وعقلاء المجانين، وأخبار الأذكياء، وأخبار الحمقى والمغفلين، وأخبار الظُّرَّاف والمتماجنين، والمصباح المضئ فى خلافة المستضئ، ومَشْيَختُه (٢).

ولمَّا كان ابن الجوزى قد وُلد سنة ٥١٠ تقريبًا، وهذا الكتاب (أعمار الأعيان) قد قرئ عليه سنة ٥٨٥، فيكون قد صنَّفه وهو فى نحو الخامسة والسبعين، وهى سِنُّ مِن مَضَى به العُمْرُ والتصنيف أشواطًا بلغتْ به المدى. فيكون رحمه الله قد وظَّف معارفَه التاريخية فى هذا الكتاب، وأقامه على هذا المنهج الذى لم يُسْبَق إليه، كما أشَرْت، فالذى يؤلف كتابًا فى الأعمار، لابدّ أن يكون قد مارس التاريخ طويلًا، ونظر فى تراجم الناس كثيرًا، ووقف عند مواليدهم ووفياتهم، ثم خَصَم وطَرَح، حتى يستقيم له هذا المنهج.

* * *


(١) تذكرة الحفاظ ص ١٣٤٤. وفد صنَّف الأستاذ عبد الحميد العَلَوْجِيّ كتابًا فى مصنفات ابن الجوزى سمَّاه: مؤلفات ابن الجوزى، وطبع ببغداد سنة ١٣٨٥ هـ = ١٩٦٥ م، واستدركتْ عليه وزادتْ أشياء الدكتورة ناجية عبد الله إيراهيم، في عَمَلٍ سَمَّتْه: قراءة جديدة فى مؤلفات ابن الجوزى، وطبع ببغداد أيضًا سنة ١٩٨٧.
(٢) انظر: التاريخ العربى والمؤرِّخون -للدكتور شاكر مصطفى - الجزء الثاني ص ١٠٩ - دار العلم للملايين - بيروت ١٩٨٧ م، وانظر الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ- الفهارس ص ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>