للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى حاشية الورقة الأولى التى بها خطبة الكتاب جاءت هذه القراءة:

"قرأتُ جميعَ هذا الجزء على الشيخ الإمام العالم العامل الأوحد الصَّدر الكبير فخر الدين أبى الحسن على بن أحمد بن عبد الواحد المَقْدسىّ، بإجازته من ابن الجوزى، فسمعه عبد الرحمن بن أحمد بن سامة. وصَحَّ بكرةَ ثامن عِشْرى شهر رمضان المعظَّم سنة إحدى وثمانين وستمائة، بمنزله بسَفْح جبل قاسيون. وكتبه محمد بن عبد الرحمن بن سامة بن كوكب بن عزّ بن حُميد، عفا اللهُ عنه".

قلتُ: والشيخ المقروء عليه هو: فخر الدين بن البخارى، من كبار الفقهاء والمحدِّثين، وصفه الذهبى بمُسْنِد الدنيا، وقال ابن رجب: مُسْند الوقت، وكان حنبلىَّ المذهب، روى عن ابن الجوزىّ وخَلْق كثير، وطال عمرُه، ورحل الطلبةُ إليه من البلاد، وألحق الأسباطَ بالأجداد فى علوِّ الإسناد. ولد سنة ٥٩٥، وتوفى سنة ٦٩٠ (١).

أمَّا كاتب القراءة فهو: شمس الدين أبو عبد الله الحنبلىّ، الحافظ المتقن المحدِّث الصالح، الدمشقى الصالحى, نزيل القاهرة، كان فصيحًا سريعَ القراءة حسنَ الخَطّ، ضابطًا متقنًا، كَتَب، الكثير، وفيه كَيْسٌ وتواضعٌ وعفّة ودِينٌ وتلاوة, وُلِد سنة ٦٦٢, وتوفى سنة ٧٠٨ (٢)، فيكون قد حضر قراءة الكتاب وأثبتها وسِنُّه ١٩ سنة.


(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٢٥، والعبر ٥/ ٣٦٨.
(٢) ذيول العبر ص ٤٣، والوافى بالوفيات ٣/ ٢٣٩، وذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٥٥، والدرر الكامنة ٤/ ١١٧.
ولا تَحْملنّ هذه الأوصاف التى تقرأها عن الرجل، على المبالغة والاسترسال، كما يظنّ بعضُ من لا عقول لهم ولا اطلاع؛ فإن هذه الأوصاف -فوق أنها حقُّ صاحبها- تُؤكّد الثقةَ بهذه العلوم والمعارف التى نقلها لنا القومُ روايةً أو كتابةً. وعلى الجانب الآخر فقد كان علماؤنا ومؤرِّخونا ينبِّهون على من ليسوا محل الثّقة من العلماء والمصنِّفين، إرشادًا وتحذيرًا مِن التعويل عليهم والاغترار بهم، وكانوا يشتَدُّون فى ذلك ويَعْنُفُون، ولا يمنعهم من ذلك قرابةٌ أو جِوارٌ. قال جعفر بن محمد القلانسىّ: سمعتُ محمد بن أبى السَّرِىّ يقول: لا تكتبوا عن أخى فإنه كذَّاب -يعنى الحسين بن أبى السَّرِىّ: تهذيب الكمال ٦/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>