للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ صِفَةِ الْقُبَّةِ وَحَوْضِهَا وذَرْعِهَا

وَذَرْعُ مَا بَيْنَ حُجْرَةِ زَمْزَمَ إِلَى وَسَطِ جَدْرِ الْحَوْضِ الَّذِي قُدَّامُ السِّقَايَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ إِحْدَى وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَاثْنَتَا عَشْرَةَ أُصْبُعًا، وَذَرْعُ سَعَةِ الْحَوْضِ مِنْ وَسَطِهِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا وَتِسْعُ أَصَابِعَ فِي مِثْلِهِ، وَذَرْعُ تَدْوِيرِ الْحَوْضِ مِنْ دَاخِلٍ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، وَذَرْعُ تَدْوِيرِهِ مِنْ خَارِجٍ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالرُّخَامِ، وَجُدُرُهُ مُلَبَّسٌ رُخَامًا، حَتَّى غَيَّرَهُ فِيمَا ذَكَرُوا عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ الرُّخَجِيُّ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَصِمُ فَكَلَّفَهُ عِمَارَتَهَا وَعَمَلَهَا، بِفُسَيْفِسَاءَ، فَثَقُلَتْ وَرَقَّتْ أَسَاطِينُهَا، فَقَلَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ أَسَاطِينَهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَدُعِّمَتْ مِنْ فَوْقِهَا، وَجَعَلَ لَهَا أَسَاطِينَ أَجَلَّ مِنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، وَجَعَلَ الْأَسَاطِينَ الْخَشَبَ فِي مَهَارِيسَ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، فَدَفَنَهَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَأْكُلَ الْمَاءُ الْخَشَبَ إِذَا دُفِنَ فِي الْأَرْضِ، وَسَكَبَ بَيْنَ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ الرَّصَاصَ، وَجَعَلَ جِدَارَهُ بِحَجَرٍ مَفْخَرِيٍّ، وَفَرَشَ أَرْضَهُ بِالرُّخَامِ وَذَرْعُ طُولِ جَدْرِهِ مِنْ دَاخِلٍ فِي السَّمَاءِ عَشْرُ أَصَابِعَ، وَعَرْضُهُ ثَمَانِي

⦗٨٠⦘

أَصَابِعَ، وَفِي وَسَطِهِ رُخَامَةٌ مَنْقُوشَةٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ فِي فَوَّارَةٍ تَخْرُجُ مِنَ الْحَوْضِ الَّذِي فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ إِذَا دَخَلْتَ الْحُجْرَةَ عَلَى يَمِينِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي قَنَاةِ رَصَاصٍ حَتَّى يَخْرُجَ فِي وَسَطِ الْحَوْضِ مِنْ هَذِهِ الْفَوَّارَةِ، وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي كَانَ يُسْقَى فِيهِ النَّبِيذُ فِيمَا مَضَى، وَكَانَ فِي جَدْرِ هَذَا الْحَوْضِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ حَجَرٌ بِحِيَالِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِيهِ قَنَاةٌ مِنْ رَصَاصٍ إِلَى الْحَوْضِ الدَّاخِلِ فِي السِّقَايَةِ، وَهُوَ بَيْتُ الشَّرَابِ يُصَبُّ فِيهِ النَّبِيذُ إِلَى الْحَوْضِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَأَيَّامَ الْحَجِّ، وَبَيْنَ الْحَوْضِ الَّذِي فِي زَمْزَمَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى هَذَا الْحَوْضِ الْكَبِيرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْقُبَّةُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَوْلَ هَذَا الْحَوْضِ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُسْطُوَانَةَ سَاجٍ، طُولُ كُلِّ أُسْطُوَانَةٍ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، وَمَا بَيْنَ جَدْرِ الْأَسَاطِينِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَفَوْقَ الْأَسَاطِينِ حُجْرَةُ سَاجٍ، طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ذِرَاعَانِ، وَعَلَى الْحُجْرَةِ قُبَّةُ سَاجٍ، خَارِجُهَا أَخْضَرُ، وَدَاخِلُهَا مُصَفَّرٌ، وَطُولُ الْقُبَّةِ مِنْ وَسَطِهَا مِنْ دَاخِلٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقُبَّةُ فِيمَا زَعَمُوا عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، عَمِلَهَا أَبُو بَحْرٍ الْمَجُوسِيُّ النَّجَّارُ الَّذِي كَانَ جَاءَ بِهِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْعِرَاقِ فَعَمِلَ أَبْوَابَ دَارِهِ الَّتِي عَلَى الْمَرْوَةِ، يُقَالُ لَهَا دَارُ مَخْرَمَةَ، وَعَمِلَ سُقُوفَهَا فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقُبَّةُ تُعَمَّرُ وَتُجَدَّدُ وَتُزَوَّقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَبَيْنَ الْحَوْضَيْنِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَمِنَ الْحَوْضِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ إِلَى الْحَوْضِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ قُبَّةٌ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ،

⦗٨١⦘

وَسَعَةُ الْحَوْضِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ وَسَطِهِ بَيْنَ يَدَيْ بَيْتِ الشَّرَابِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا، وَثَمَانِيَ عَشْرَةَ أُصْبُعًا، وَعَرْضُ جَدْرِهِ ثَمَانِي أَصَابِعَ، وَتَدْوِيرٌ حَوْلَ الْحَوْضِ خَمْسُونَ حَجَرًا، كُلُّ حَجَرٍ طُولُهُ جَدْرُ الْحَوْضِ، وَبَطْنُ الْحَوْضِ مَفْرُوشٌ بِحِجَارَةٍ، ثُمَّ فُرِشَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرُخَامٍ وَفِي وَسَطِ الْحَوْضِ حَجَرٌ مَثْقُوبٌ، يَخْرُجُ مِنْهُ مَاءُ زَمْزَمَ مِنَ الْحَوْضِ الَّذِي فِي زَمْزَمَ عَلَى يَسَارِكَ إِذَا دَخَلْتَ، وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، وَثَمَانِي أَصَابِعَ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ أَيَّامَ الْحَجِّ لِلْوُضُوءِ، وَيُصَبُّ النَّبِيذُ مِنَ السِّقَايَةِ فِي الْحَوْضِ الَّذِي تَحْتَ الْقُبَّةِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَدِيمًا مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ صَارَ الْوَضُوءُ يَكُونُ فِي حَوْضِ الْقُبَّةِ، وَعَلَيْهِ شِبَاكُ خَشَبٍ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ مِنْ كُوًى فِي الشِّبَاكِ، وَجَعَلَ فِي الْحَوْضِ الْآخَرِ سَرَبًا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَيَصِيرُ مَاؤُهُ فِي السَّرَبِ الَّذِي يَذْهَبُ مَاءُ وَضُوءِ زَمْزَمَ فِيهِ إِلَى الْوَادِي فَكَانَتْ هَذِهِ الْقُبَّةُ عَلَى مَا وَصَفْنَا حَتَّى كَانَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فَقَدِمَ بِشْرٌ الْخَادِمُ فِيهَا مَكَّةَ، بَعَثَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ إِلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْآثَارِ، فَأَخَذَ فِي عَمَلِ الْمَسْجِدِ، فَأَصْلَحَهُ وَرَمَّهُ، وَطَرَحَ فِيهِ الْحَصْبَاءَ، وَعَمِلَ أَسْرَابَهُ وَسَوَّاهُ، وَجَدَّدَ كِتَابَهُ الَّذِي فِي جَوَانِبِهِ، وَأَخَذَ فِي عَمَلِ زَمْزَمَ، فَعَمِلَهَا بِالْفُسَيْفِسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَمَّرُ بِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِبَيْتِ الشَّرَابِ، هَدَمَ مَا خَرِبَ مِنْهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْفُسَيْفِسَاءَ، وَزَوَّقَ مَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ التَّزْوِيقُ، وَأَصْلَحَ الْقُبَّةَ الَّتِي يُقَالُ إِنَّهَا مَجْلِسُ ابْنِ

⦗٨٢⦘

عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ كَانَتْ وَهَتْ وَخُرِّبَتْ فَشَدَّهَا وَضَبَّبَهَا بِضِبَابِ السَّاجِ، وَخَالَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَذَلِكَ عَلَى عَمَلٍ يُقَالُ لَهُ الْمُضَلَّعُ، فَلَمَّا أَوْثَقَهَا بِالْمَسَامِيرِ طَلَاهَا بِالنُّورَةِ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا الْفُسَيْفِسَاءَ، وَكَتَبَ فِي وَسَطِهَا كَمَا يَدُورُ كِتَابًا غَيَّرَهُ أَبُو غَانِمٍ، ثُمَّ الْحَارِثُ بْنُ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَتَبَ مَكَانَهُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ أَبْرَزَ عَنْ سَرَبٍ رَصَاصٍ، كَانَ خَالِدُ الْقَسْرِيُّ قَدْ عَمِلَهُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، يَصُبُّ فِي حَوْضٍ كَانَ عَمِلَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، فَلَمَّا قَدِمَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي خِلَافَةِ بَنِي هَاشِمٍ أَبْطَلَ ذَلِكَ الْحَوْضَ، فَصَرَفَ بِشْرٌ ذَلِكَ السَّرَبَ إِلَى هَذِهِ الْقُبَّةِ، وَجَعَلَ فِسْقِيَّةً، وَهِيَ الْبِرْكَةُ الصَّغِيرَةُ، وَجَعَلَ فِي وَسَطِهَا فَوَّارَةً يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ مِمَّا يَصِيرُ إِلَيْهَا مِنْ زَمْزَمَ، وَهِيَ الْقُبَّةُ الَّتِي وَصَفْنَا أَمْرَهَا، وَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ مِنْهَا فِي الْمَوْسِمِ وَأَيَّامَ الْحَجِّ، فَأَبْرَزَ عَنْ هَذَا السَّرَبِ الرَّصَاصَ، وَسَوَّاهُ بِالشَّبَهِ وَالنَّوْرَةِ، وَرَدَّهُ عَلَى أَحْكَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَمَلِ، وَصَارَتْ هَذِهِ الْبِرْكَةُ فِي وَسَطِ الْقُبَّةِ يَخْرُجُ إِلَيْهَا الْمَاءُ مِنَ الْفَوَّارَةِ الَّتِي فِي وَسَطِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ غِلْمَانُ زَمْزَمَ الْمَاءَ مِنْهَا فَيَصُبُّونَهُ فِي جِرَارٍ، قَدْ جُعِلَتْ فِي جَوْفِ الْقُبَّةِ حَوَالَيْ هَذِهِ الْبِرْكَةِ، فَيُبَرَّدُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْجِرَارِ، ثُمَّ يُسْقَى النَّاسُ مِنْهَا غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فِي الْكِيزَانِ، وَيَأْخُذُ غِلْمَانُ زَمْزَمَ دِلَاءً مِنْ أَدَمٍ فَيَمْلَئُوهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْمُبَرَّدِ، ثُمَّ يَطُوفُونَ بِهَا عَلَى الْخَلْقِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَيَشْرَبُ النَّاسُ مِنْهَا، وَجَعَلَ عَلَى هَذِهِ الْقُبَّةِ دَرَابْزِينَ سَاجٍ كَمَا يَدُورُ، وَضَبَّبَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ بِالْحَدِيدِ، وَجَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ يَمَانِيًّا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَشَامِيًّا يُخْرَجُ مِنْهُ، وَجَدَّدَ جُدُرَاتِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِي دَارَ أُمِّ جَعْفَرٍ وَدَارِ الْعَجَلَةِ، وَبَابِ بَنِي جُمَحٍ، وَطَلَاهُ بِالنُّورَةِ وَالْمَرْمَرِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بُويِعَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللهِ بِمَكَّةَ، وَفِيهَا جَاوَرَ الْمُوَفَّقَ بِاللهِ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ إِلَى قَرِيبِ الْمَوْسِمِ، ثُمَّ خَرَجَ قَبْلَ الْمَوْسِمِ بِيَسِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>