ذِكْرُ رِبَاعِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ
وَلِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ:
[البحر الوافر]
أَلَا أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَنِي قُصَيٍّ ... سِهَامَ الْمَجْدِ وَالْحَسَبِ اللِّهَامِ
وَغَيْثَ الْمُجْتَدِينَ إِذَا شَتَوْنَا ... وَحِرْزَ الْعَائِذِينَ مِنَ الظَّلَامِ
وَأَوْلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ جَمِيعًا ... بِبَيْتِ اللهِ وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ
وَبِالْمَجْدِ الْمُقَدَّمِ غَيْرَ بُخْلٍ ... وَبِالْحَجَرِ الْمُشَرَّفِ وَالْمَقَامِ
هُمُ الْفَرْعُ الْمُهَذَّبُ مِنْ لُؤَيٍّ ... وَأَهْلُ الطِّيبِ وَالنَّسَبِ الْقِدَامِ
فَلَهُمْ دَارُ النَّدْوَةِ، بَنَاهَا قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ، وَكَانَ لَا يَكُونُ لِقُرَيْشٍ شَيْءٌ يُحْدِثُونَهُ إِلَّا تَنَاظَرُوا فِيهَا لِأَمْرِهِمْ، وَلَا يَعْقِدُونَ لِوَاءَ الْحَرْبِ، وَلَا يَبْرَمُونَ أَمْرًا إِلَّا فِيهَا، يَعْقِدُ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْضُ وَلَدِ قُصَيٍّ وَكَانُوا إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ أُدْخِلَتْ دَارَ النَّدْوَةِ، فَجَابَ عَلَيْهَا فِيهَا دِرْعَهَا عَامِرُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَحَجَبُوهَا، وَكَانَتْ بِيَدِهِ مِنْ بَيْنِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي دَارِ قُصَيٍّ تَيَمُّنًا عِنْدَهُمْ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَهُمْ بِمَكَّةَ وَخَطَّ لَهُمْ فِيهَا الرِّبَاعَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ
⦗٣١١⦘
وَكَانَتْ دَارُ النَّدْوَةِ تُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَحِيضًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ مَحِيضًا؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ إِذَا بَلَغَتْ فَعَلَ أَهْلُهَا مَا وَصَفْنَا وَأَوَّلُ مَنْ خَرَّبَهَا مِنَ الْخُلَفَاءِ الْمَأْمُونُ، فَهِيَ خَرَابٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ دَارَ النَّدْوَةِ مِنْ غَيْرِ بَنِي قُصَيٍّ إِلَّا ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَدْخُلُهَا بَنُو قُصَيٍّ كُلُّهُمْ وَحُلَفَاؤُهُمْ كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ، فَلَمْ تَزَلْ بِأَيْدِي بَنِي عَامِرِ بْنِ هَاشِمٍ، حَتَّى بَاعَهَا ابْنُ الرَّهِينِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَهَا بَابٌ يَشْرَعُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهِيَ الْيَوْمَ لِأَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بِاللهِ، قَبَضَهَا لَهُ الْحَارِثُ بْنُ عِيسَى، وَكَانَتْ دَارُ النَّدْوَةِ يَسْكُنُهَا الْخُلَفَاءُ فِيمَا مَضَى إِذَا حَجُّوا، وَقَدْ سَكَنَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي سَنَةٍ مِنْ سِنِيِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute