ذِكْرُ مَا قِيلَ فِي الْجِمَارِ مِنَ الشِّعْرِ
وَقَدْ قَالَتِ الشُّعَرَاءُ فِي الْجِمَارِ أَشْيَاءً سَأَذْكُرُ بَعْضَهَا. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَيُقَالُ: بَلِ الْقَائِلُ ذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ:
[البحر الطويل]
وَلَمْ أَرَ كَالتَّجْمِيرِ أَحْسَنَ مَنْظَرًا ... وَلَا كَلَيَالِي الْحَجِّ أَفْتَنَ ذَا هَوَى
وَمِنْ مَالِئٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيْءِ غَيْرِهِ ... إِذَا رَاحَ نَحْوَ الْجَمْرَةِ الْبِيضِ كَالدُّما
يُسَحِّبْنَ أَذْيَالَ الْمُرُوطِ بِأَسْوُقٍ ... خِلَالٍ إِذَا وَلَّيْنَ أَعْجَازُهَا رُوَا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ أَيْضًا فِي الْجِمَارِ:
[البحر الرمل]
كَانَ يَوْمُ الْجِمَارِ مِمَّا قَضَى ... اللهُ عَلَيْنَا وَخُطَّ بِالْأَقْلَامِ
قَدْ تَمَنَّيْتُ أَنَّنِي لَكِ دِرْعٌ ... وَإِزَارٌ وَحِلْيَةٌ فِي نِظَامِ
وَقَالَ الْعَرْجِيُّ يَذْكُرُهَا أَيْضًا:
[البحر الطويل]
وَلِلرَّمْيِ قَدْ تُبْدِي الْحِسَانُ أَكُفَّهَا ... وَيَفْتَرُّ بِالتَّكْبِيرِ عَنْ شِعْبِ غُرٍّ
فَيَا رُبَّ مَشْغُوفٍ بِنَا لَا يَنَالُنَا ... غَدَاةَ تُسَاقُ الْمُشْعَرَاتُ إِلَى النَّحْرِ
غَدَاةَ يُوَافِي أَهْلَ جَمْعٍ مَعَ الْحَصَى ... كَذَا الْجَمْرَةُ الْقُصْوَى ذَوُو لِمَمٍ غُبْرِ
فَيَا رُبَّ بَادٍ شَجْوُهُ وَمُعَوَّلٍ ... إِذَا مَا رَأَى الْأَطْنَابَ تُنْزَعُ لِلنَّفْرِ
⦗٣٠٥⦘
وَقَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:
[البحر الطويل]
وَلَمْ أَرَ لَيْلَى بَعْدَ مَوْقِفِ سَاعَةٍ ... بِبَطْنِ مِنًى تَرْمِي جِمَارَ الْمُحَصَّبِ
وَيُبْدِي الْحَصَى مِنْهَا إِذَا قَذَفَتْ بِهِ ... مِنَ الدِّرْعِ أَطْرَافَ الْبَنَانِ الْمُخَضَّبِ
فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ التَّفَرُّقَ غُلْتُهُ ... وَأَنَّا مَتَى مَا نَفْتَرِقْ نَتَشَعَّبِ
أَشَارَتْ بَمَوْسُومٍ كَأَنَّ بَنَانَهُ ... عَلَيْهِ الْمَثَانِي مِنْ دِمَقْسٍ مُذَهَّبِ
أَلَا إِنَّمَا غَادَرْتِ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... مَرًا أَيْنَمَا تَذْهَبْ بِهِ الرِّيحُ يَذْهَبِ
وَقَالَ شَاعِرٌ أَيْضًا فِي الْجِمَارِ:
[البحر الكامل]
إِنِّي امْرُؤٌ يَعْتَادُنِي ذِكْرٌ ... مِنْهَا ثَلَاثُ مِنًى لِذَا صَبْرِي
وَمَوَاقِفٌ بِالْمَشْعَرَيْنِ لَهَا ... وَمَنَاظِرُ الْجَمَرَاتِ وَالنَّحْرِ
وَقَالَ شَاعِرٌ مِنَ الْعَرَبِ أَيْضًا يَذْكُرُهَا:
[البحر الهزج]
أَلَا وَاهًا لِهَذَا الْحَجِيجِ ... وَالتَّجَهُّرِ وَالنَّحْرِ
لِأَنْ حَجَّ لِأَنْ حَجَّ ... لِأَنْ حَجَّ أَبُو بَكْرِ
أَخٌ لَهُ وَابْنُ أُخْتٍ ... كُلٌّ بِمَا يَفْعَلُ عَنْ أَمْرِي
فَإِنْ أَيْسَرَا يَسَّرْتُ ... وَعَشْرُ الرَّمْيِ عَشْرِ
وَقَالَ شَاعِرٌ أَيْضًا:
[البحر الطويل]
تَقُولُ الَّتِي تَرْمِي الْجِمَارَ عَشِيَّةً ... وَتُبْدِي لَنَا مِنْهَا بَنَانًا مُخَضَّبَا
غَدًا يَنْفِرُ الْحُجَّاجُ مِنْ بَطْنِ مَكَّةٍ ... وَتَفْتَرِقُ الْأَحْيَاءُ شَرْقًا وَمَغْرِبَا
فَأُبْلِسْتُ وَاسْتَرْجَعْتُ إِذْ نَطَقَتْ بِهِ ... وَقُلْتُ لَهَا الْعَيْنَانِ بِالدَّمْعِ تَسْكُبَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر البسيط]
أَتَعْهَدُ الْحَيَّ لَيْلَ السَّامِرِ الْعَرِدِ ... بِجَانِبِ الْجَمْرَةِ الْقُصْوَى إِلَى السَّبَدِ
هَلْ لِلزَّمَانِ إِيَابٌ فِي تَصَرُّفِهِ ... بِلَيْلَةٍ سَلَفَتْ مِنْكُنَّ لَمْ تَعُدِ