ذِكْرُ عِمَارَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بِاللهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَتَفْسِيرِهِ
وَكَانَتْ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا وَصَفْنَا، حَتَّى كَانَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ فَانْقَضَّ جَدْرُ دَارِ زُبَيْدَةَ الَّتِي يَلِي الْحَنَّاطِينَ مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ عَلَى
⦗١٧٦⦘
سَقْفِ الْمَسْجِدِ، فَخَرَّبَ سُقُوفَ الْمَسْجِدِ، وَكَبَسَ خَشَبَهُ، وَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْهَدْمِ عَشَرَةُ أُنَاسٍ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، وَسَقَطَتْ مِنْ أَسَاطِينِ الْمَسْجِدِ أُسْطُوَانَتَانِ، فَأَقَامَتَا أَشْهُرًا حَتَّى وَرَدَ كِتَابُ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بِاللهِ إِلَى هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، يَأْمُرُهُ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ، وَرَدِّهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ وَرَدَّهُ وَجَدَّدَ لَهُ خَشَبًا مِنَ السَّاجِ، وَعَمِلَ لَهُ جَصًّا طَرِيًّا، وَأَقَامَ الْعُمَّالُ فِيهِ يَعْمَلُونَ، عَلَيْهِمْ سُرَادِقٌ قَدْ سَتَرُوا بِهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاسِ، حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُ وَسَقَفُوا سَقْفَهُ، وَزَوَّقُوهُ بِالتَّزَاوِيقِ، وَرُدَّتِ الْأَلْوَاحُ الْمَكْتُوبَةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ بِالذَّهَبِ فِي سَقْفِهِ، وَكُتِبَ فِيهَا كِتَابٌ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاصِرُ لِدِينِ اللهِ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ بِاللهِ وَلِيُّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ أَطَالَ اللهُ بَقَاءَهُ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ رَجَاءَ ثَوَابِ اللهِ وَالزُّلْفَةِ إِلَيْهِ، وَجَرَى ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى عَامِلِهِ عَلَى مَكَّةَ وَمَخَالِيفِهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكُتِبَ عَلَى أَلْوَاحٍ أُخْرَى فِي سَقْفِهِ وَفِي جَدْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي يَلِي دَارَ زُبَيْدَةَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَرَ النَّاصِرُ لِدِينِ اللهِ وَلِيُّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ أَخُو أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَطَالَ اللهُ بَقَاءَهُمَا الْقَاضِي يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِمَا رَجَا فِي ذَلِكَ مِنْ ثَوَابِ اللهِ تَعَالَى وَأُكْفِرَ بِهِ إِلَيْهِ، فَأَجْزَلَ اللهُ ثَوَابَهُ وَأَجْرَهُ، وَأَجْرَى ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ كُتِبَ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute