قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: " الْحَاجُّ نُهِيَ أَنْ يُقْطَعَ سَبِيلُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُطَمَ بْنَ ضُبَيْعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَرْثَدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَاسْمُهُ شُرَيْحٌ، وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْحُطَمُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز]
قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَاقٍ حُطَمْ
فَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْحُطَمَ، الَّذِي قَالَ لَهُ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:
[البحر الطويل]
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْرَو بْنَ مَرْثَدِ
وَهُوَ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَرْتَادَ وَيَنْظُرَ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ قَوْمٍ وَدَاعِيَةُ قَوْمٍ، فَاعْرِضْ عَلَيَّ مَا تَقُولُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَدْعُوكَ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى أَنْ تَعْبُدَهُ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتَشْهَدَ أَنَّ
⦗٢٥٩⦘
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ " قَالَ الْحُطَمُ: فِي أَمْرِكَ هَذَا غِلْظَةٌ، أَرْجِعُ إِلَى قَوْمِي فَأَذْكُرُ لَهُمْ مَا ذَكَرْتَ، فَإِنْ قَبِلُوا قَبِلْتُ مَعَهُمْ، وَإِنْ أَدْبَرُوا كُنْتُ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأْتِ قَوْمَكَ " فَلَمَّا خَرَجَ نَظَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَفَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ دَخَلَ إِلَيَّ بِوَجْهِ كَافِرٍ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِي بِقَفَا غَادِرٍ، وَمَا أَرَى الرَّجُلَ مُسْلِمًا " فَمَرَّ عَلَى سَرْحٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَانْطَلَقَ بِهِ، فَطَلَبَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَاتَهُمْ وَقَدِمَ الْيَمَامَةَ، وَحَضَرَ الْحَجَّ، فَتَجَهَّزَ تَاجِرًا حَاجًّا، وَكَانَ عَظِيمَ التِّجَارَةِ، فَبَلَغَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجَهُّزُهُ وَإِقْبَالُهُ إِلَى الْبَيْتِ، فَاسْتَأْذَنُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْقَوْهُ فَيَقْتُلُوهُ وَيَأْخُذُوا مَا مَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ} [المائدة: ٢] الْأَجْرَ وَالتِّجَارَةَ وَقَدْ أَحْظَوْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute