للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٥٣ - فَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: بَعَثَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ابْنَ عِضَاهٍ الْأَشْعَرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيَّ، وَبَعَثَ مَعَهُمَا بِبُرْنُسٍ مِنْ خَزٍّ وَجَامِعَةٍ مِنْ وَرِقٍ لِيُؤْتَى بِابْنِ الزُّبَيْرِ لِيَبِرَّ بِيَمِينِهِ قَالَ: فَقَالَ لِي أَبِي وَلِأَخِي إِذَا بَلَغَتْهُ رُسُلُ يَزِيدَ فَتَعَرَّضَا لَهُ، وَلْيَتَمَثَّلْ أَحَدُكُمَا:

[البحر الطويل]

فَخُذْهَا فَلَيْسَتْ لِلْعَزِيزِ بِنُصْرَةٍ ... وَفِيهَا مَقَالٌ لِامْرِئٍ مُتَذَلِّلِ

أَعَامِرُ إِنَّ الْقَوْمَ سَامُوكَ خُطَّةً ... وَذَلِكَ فِي الْحَيْرَانِ عَزْلٌ بِمَعْزِلِ

أَتَذْكُرُ إِذْ مَا كُنْتَ لِلْقَوْمِ نَاضِحًا ... يُقَالُ لَهُ بِالدَّلْوِ أَدْبِرْ وَأَقْبِلِ

⦗٣٥٣⦘

قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَتْهُ رُسُلُ يَزِيدَ قَالَ لِي أَخِي: أَلْقِهَا، فَفَعَلْتُ، فَسَمِعَنِي، فَقَالَ: يَا بَنِي مَرْوَانَ أَبْلِغَا أَبَاكُمَا:

[البحر البسيط]

إِنِّي لِمِنْ نَبْعَةٍ صُمٌّ مَكَاسِرُهَا ... إِذَا تَنَاوَحَتِ الْقَصْبَاءُ وَالْعُشَرُ

وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلَيِنَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ

قَالَ: فَمَا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَعْجَبَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ثُمَّ قَالَ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ: وَاللهِ لَضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ فِي عِزٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالسَّوْطِ فِي ذُلٍّ ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ فِي جَيْشِ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَمَرَهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ سَارَ إِلَى مَكَّةَ فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ الْمَدِينَةَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِهَا بَقَايَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَاثَ فِيهَا وَأَسْرَفَ فِي الْقَتْلِ، وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَذْكُرُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَمَرَ مُسْلِمًا أَنْ يَدْخُلَ

⦗٣٥٤⦘

الْمَدِينَةَ؛ وَذَلِكَ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَنَّهُمْ رَمَوْهُ بِالْأُبْنَةِ فِي نَفْسِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، وَأَنْ يَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ ثَلَاثًا يَقْتُلُ مَنْ لَقِيَ لَا يَتَهَيَّبُ أَحَدًا، حَتَّى أَجْفَلَ النَّاسُ فِي الْبُيُوتِ وَاخْتَبَئُوا مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ يَزِيدُ قَالَ لَهُ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَضَعِ الْمِنْبَرَ ثُمَّ ادْعُ إِلَى بَيْعَتِي، وَادْعُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَسَلْهُمَا أَنْ يُبَايِعَا عَلَى أَنَّهُمَا عُبُدٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ لَهُ: مَنِ امْتَنَعَ عَلَيْكَ مِنْهُمَا أَوْ مِنَ النَّاسِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَلَا تُؤَامِرْنِي فِي ذَلِكَ فَلَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ دَعَاهُمَا إِلَى ذَلِكَ وَبَدَأَ بِهِمَا عَلَى النَّاسِ، فَأَجَابَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَامْتَنَعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَهَمَّ أَنْ يُنَفِّذَ فِيهِ مَا أَمَرَ بِهِ يَزِيدُ، فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَخْوَالُهُ مِنْ كِنْدَةَ، وَقَالُوا لِمُسْلِمٍ: لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ حَتَّى تَوصَّلَ إِلَى أَنْفُسِنَا فَتَرَكَهُ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فِي ذَلِكَ، وَلَامَهُ النَّاسُ فِي إِجَابَتِهِ مُسْلِمًا إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِي، إِنَّمَا كَانَ فِي النَّاسِ، خِفْتُ أَنْ يُنَفِّذَ مَا قَالَ يَزِيدُ مِنَ الْقَتْلِ، فَأَكُونَ قَدْ سَنَنْتُ لِلنَّاسِ سُنَّةً تَذْهَبُ فِيهَا أَنْفُسُهُمْ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ مَاتَ، فَاسْتُخْلِفَ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيُّ وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ لِلْحُصَيْنِ: يَا بَرْذَعَةَ الْحِمَارِ، احْذَرْ خَدَائِعَ قُرَيْشٍ، لَا تُعَامِلْهُمْ إِلَّا بِالثِّقَافِ ثُمَّ الْقِطَافِ قَالَ: فَمَضَى حَتَّى وَرَدَ مَكَّةَ فَقَاتَلَ بِهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ

⦗٣٥٥⦘

رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَيَّامًا، وَضَرَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فُسْطَاطًا فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ فِيهِ نِسَاءٌ يَسْقِينَ الْجَرْحَى وَيُدَاوِينَهُمْ وَيُطْعِمْنَ الْجَائِعَ قَالَ الْحُصَيْنُ: مَا يَزَالُ يَخْرُجُ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الْفُسْطَاطِ أُسْدٌ كَأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ عَرِينِهَا، فَمَنْ يَكْفِينِيهِ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَنَا قَالَ: فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ وَضَعَ شَمْعَةً فِي طَرَفِ رُمْحٍ، ثُمَّ ضَرَبَ فَرَسَهُ حَتَّى طَعَنَ الْفُسْطَاطَ فَالْتَهَبَ نَارًا قَالَ: وَالْكَعْبَةُ يَوْمَئِذٍ مُؤَزَّرَةٌ بِطَنَافِسَ حَتَّى احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ، وَاحْتَرَقَ يَوْمَئِذٍ فِيهَا قَرْنَا الْكَبْشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>