١٧٩٨ - فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: " خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَمِيرُ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقِيَهُ وَلَمْ يَكُنْ نَصْبُهُ جُوِّدَ، مَالَ الْمِنْبَرُ بِهِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ، فَتَلَقَّاهُ الْجُنْدُ وَالْحَرَسُ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى سَوَّوْهُ، وَخَطَبَ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ خَبَّابٌ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّينَ:
[البحر الطويل]
⦗٦٢⦘
بَكَى الْمِنْبَرُ الْحَرَمِيُّ وَاسْتَبْكَتْ لَهُ ... مَنَابِرُ آفَاقِ الْبِلَادِ مِنَ الْحُزْنِ
وَحَنَّ إِلَى الْأَخْيَارِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... وَمَلَّ مِنَ التَّيْمِيِّ وَاعْتَاذَ بِالرُّكْنِ
فَأُخِذَ الْمِنْبَرُ الْقَدِيمُ، فَجُعِلَ بِعَرَفَةَ، حَتَّى أَرَادَ الْوَاثِقُ بِاللهِ الْحَجَّ، فَكَتَبَ: تُعْمَلُ لَهُ ثَلَاثَةُ مَنَابِرَ: مِنْبَرٌ بِمَكَّةَ، وَمِنْبَرٌ بِمِنًى، وَمِنْبَرٌ بِعَرَفَةَ، فَعُمِلَتْ تِلْكَ الْمَنَابِرُ، وَكُتِبَ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ فِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي يَخْطُبُ عَلَيْهِ الْوَالِي الْيَوْمَ عِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْتَنِدُ فِيهِ الْإِمَامُ إِذَا جَلَسَ عَلَيْهِ كِتَابٌ، وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ: بِسْمِ اللهِ، أَمَرَ عَبْدُ اللهِ: هَارُونُ الْإِمَامُ الْوَاثِقُ بِاللهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللهُ، عُمَرَ بْنَ فَرَجٍ الرُّخَّجِيَّ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِعَمَلِ هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَامًا لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ مِنْبَرُ مَكَّةَ إِلَى الْيَوْمِ وَقَدْ كَانَ الْمُنْتَصِرُ بِاللهِ لَمَّا حَجَّ فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ، جُعِلَ لَهُ مِنْبَرٌ عَظِيمٌ، فَخَطَبَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَلَّفَهُ بِهَا " وَيُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرَيْنِ: مِنْبَرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَجُمِعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَلَايَةِ فِي خِلَافَةِ بَنِي هَاشِمٍ، جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَمِنْ بَعْدِهِ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ سَلْمٍ لِجَعْفَرِ
⦗٦٣⦘
بْنِ سُلَيْمَانَ حِينَ وَلِيَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ يَمْدَحُهُ وَيَذْكُرُ وِلَايَتَهُ الْمِنْبَرَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ:
صَفَا كَصَفَاءِ الْمُزْنِ فِي نَاقِعِ الثَّرَى ... مِنَ الرَّنْقِ حَتَّى مَاؤُهُ غَيْرُ أَكْدَرَا
حَوَى الْمِنْبَرَيْنِ الطَّاهِرَيْنِ فَجَعْفَرٌ ... إِذَا مَا خَطَا عَنْ مِنْبَرٍ أَمَّ مِنْبَرَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute