المسجد وجب عليها أن تقف مع النساء في الصف الأخير خلف الرجال، فإذا كان الأمر هكذا في بيوت الله، فكيف يجوز الاختلاط في غير أماكن العبادة؟
ومع هذا، فإذا وجدت الضرورة والحاجة إلى مثل هذا الاختلاط جاز في حدود الأدب والاحتشام؛ كخروج المرأة مع المجاهدين تُعِدُّ الطعام وتداوي الجرحى، فقد خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعه بعض نساء المسلمين إلى القتال، وقمن بمداوة الجرحى وسقي المقاتلين من المسلمين، بل وقد تضطر المرأة إلى القتال الفعليِّ مع المسلمين كما حصل لبعضهنَّ في موقعة أحد، وهذا يستلزم الاختلاط، وكذلك قد تضطر المرأة إلى الخروج من بيتها لقضاء حاجتها، فتركب السيارة العامة أو القطار، وتختلط بالرجال، فهذا ونحوه يجوز عند الحاجة بشرط الالتزام بالآداب الإسلامية في المشي واللباس والكلام.
ثالثًا: إخفاء زينتها إلّا ما ظهر منها، فقد جاء في القرآن في آداب النساء:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فلا يجوز تعمُّد إظهار شيء من زينتها إلّا ما ظهر منها بغير قصد، أو كان ظاهرًا لا يمكن إخفاؤه كالرداء والثياب، وهذه هي الزينة الظاهرة التي يجوز إبداؤها على رأي ابن مسعود -رضي الله عنه، أو هي الكحل والخاتم على رأي ابن عباس -رضي الله عنه، أو هي الوجه والكفَّان على رأي بعض العلماء١، فالوجه واليدان يجوز كشفهما، أمَّا غيرهما فلا يجوز كشفه، وبعض العلماء أجاز كشفهما بشرط عدم وجود الزينة فيهما.
رابعًا: ويجب أن يكون لباس المرأة شرعيًّا، أي: وفق ما أمر به الشرع، قال تعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ} ، والخمار ما يوضع على الرأس، فالآية الكريمة تأمر بإنزال الخمار إلى العنق والصدر لإخفائهما.
وقال تعالى في آية آخرى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} والجلباب هو الملاءة التي تغطي جسم المرأة وتلبسه فوق ثيابها فلا يظهر منها