٦٥٧- المقصود بالشبهة هنا: ما يثير الشكَّ والارتياب في صدق الداعي وأحقية ما يدعو إليه، فيمنع ذلك من رؤية الحق والاستجابة له، أو تأخير هذه الاستجابة، وغالبًا ترتبط الشبهة بعادة موروثة، أو مصلحة قائمة، أو رياسة دنيوية، أو حمية جاهلية، فتوثِّر الشبهة بسبب هذه الأمور في النفوس الضعيفة المتصلة بهذه الأشياء، وتتعلق بها وتحسبها حجة وبرهانًا تدفع به الحق، وتخاصم الدعاة إلى الله تعالى.
مصدر الشبهات:
٦٥٨- والغالب أنَّ "الملأ" هم الذين يثيرون الشبهات ويزينونها للناس، ويشيعونها فيما بينهم، ويكررونها على مسامعهم حتى تألفها نفوس البسطاء من عامَّة الناس، ويأخذون في ترديدها، ثم تصديقها، ثم تبنّيها واعتبارها كالحقائق الثابتة، وعند ذلك يندفعون إلى الدفاع ومخاصمة الحق وأهله من أجلها، والملأ منهم يضحكون ويسخرون، فقد حققوا ما يريدون.
لا خلاص من الشبهات ولا تبديل فيها:
٦٥٩- وليعلم الداعي أنَّ إثارة الشبهات في وجه الدعوة إلى الله أمر قديم مضت به سنة الله في العباد، وشنشنة قديمة متوارثة بين أهل الباطل، فلا يستغرب منها الداعي ولا يضيق بها، وهي في جوهرها لا تتغيِّر ولا تتبدل، وإنما يتغيِّر فيها الأسلوب والكيفية، قال تعالى مخاطبًا نبيه الكريم محمدًا: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ