٦٠٤- نريد من قولنا: جمهور الناس معظمهم؛ لأن جمهور كل شيء معظمه وأكثره، والمقصود بمعظم الناس ما عدا "الملأ"، وقد تكلَّمنا عنهم وهم عادة قلة، أمَّا ما عداهم فهم أكثرية الناس في أيِّ مجتمع بشري، وهؤلاء الجمهور يكونون عادة مرءوسين للملأ وتابعين لهم، كما يكونون غالبًا فقراء وضعفاء ويباشرون مختلف الأعمال والحِرَف.
الجمهور أسرع من غيرهم إلى الاستجابة:
٦٠٥- الجمهور أسرع من غيرهم إلى الاستجابة إلى الحق، فهم أتباع رسل الله، يصدقونهم ويؤمنون بهم قبل غيرهم، كما قال هرقل لأبي سفيان يوم اجتمع به في الشام لمَّا سمع هرقل بأنه من مكة، فأراد أن يسأل عن أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم، قال هرقل: أشرف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقال أبو سفيان: بل ضعفاؤهم، فقال هرقل: هم أتباع الرسل١، والواقع أنَّ أتباع رسل الله كانوا من جمهور الناس، وقد ذكرنا في بحثنا عن "الملأ" كيف قالوا لنوحٍ -عليه السلام:{وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} ، وقول "الملأ" من ثمود كما حكاه الله -جلَّ جلاله- عنهم: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا
١ من حديث طويل رواه الإمام البخاري في صحيحه ج١ ص٧-٩.