٢٤٢- هي نصّ جواب المفتي، أو هي حكم الشرعي الذي يخبر عنه المفتي بإفتائه.
أساس الفتوى:
٢٤٣- وما دامت الفتوى تتضمَّن حكم الشرع، فيجب أن تقوم على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم، وما دلَّ عليه هذان الأصلان الكبيران من أدلة الأحكام كالإجماع.
٢٤٤- أما الرأي فإن كان مقبولًا صلح أن يكون أساسًا للفتوى، وإن كان فاسدًا لم يصلح، والفاسد هو المخالف للكتاب والسُّنَّة، أمَّا الرأي المقبول فهو أنواع:
الأول: رأي الصحابة الكرام لاعتماده على النظر السديد والفقه العميق والاستنباط الدقيق؛ لمشاهدتهم التنزيل، وصحبتهم للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم، ولما عرفوا به من جودة الذهن وإحاطةً بمقاصد الشرع ومعانيه.
الثاني: الرأي الذي يفسِّر النصوص ويبيِّن دلالتها ويسهل الاستنباط منها، مثل رأي الصحابة في العول في الميراث.
الثالث: ما قبلته الأمة من الآراء الفقهية، ويدخل في هذا النوع الأقيسة الصحيحة التي توافرت فيها شروط القياس الصحيح ولم تخالف النصوص.
٢٤٥- وإذا كانت الفتوى تتضمَّن حكم الشرع، وبالتالي يجب أن تقوم على الكتاب والسنة وما دلت عليه نصوصهما، فمن البديهي أن لا تقوم الفتوى على الحيل المحرَّمة شرعًا، ولا على الشُّبَه الباطلة تحليلًا لحرام أو تحريمًا لحلال، قال -صلى الله عليه وسلم:"لعن الله اليهود والنصارى حُرِّمت عليهم الشحوم فجمَّلوها -أي: أذابوها- وباعوها وأكلوا ثمنها"، ولكن يجوز أن تقوم الفتوى على الترخّص المباح الذي يجوز للمستفتي أن يأخذ به، ويجوز للمفتي أن يفتي به، ودليل ذلك قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} ، وفي الحديث الشريف:"إن الله يحب أن تؤخذ رخصه كما يحب أن تؤخذ عزائمه".
تعلق الفتوى بموضوع الاستفتاء:
٢٤٦- الأصل في الفتوى أن تكون متعلّقة بموضوع الاستفتاء مطابقة له؛ ليحصل المستفتي على بغيته من استفتائه غير خارجة عنه.
٢٤٧- ولكن يجوز أن تكون الفتوى أوسع من موضوع الاستفتاء، بمعنى: إنها تتعلق به وبغيره، إذا رأى المفتي أنَّ في هذا التوسُّع فائدة للمستفتي، ودليل ذلك أنَّ بعض الصحابة الكرام سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماء البحر، وهل يجوز التوضؤ به، فقال -صلى الله عليه وسلم:"هو الطهور ماؤه الحِلّ ميتته"، فأجابهم -صلى الله عليه وسلم- عن ميتة البحر ولم يسألوه عنها؛ لعلمه -صلى الله عليه وسلم- بفائدة بيان هذا الحكم لهم.