للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: النظام الاقتصادي]

[مدخل]

...

[المبحث السادس: النظام الاقتصادي]

تمهيد:

٣٧٩- من الحقائق الثابتة أنَّ الإنسان يبذل كثيرًا من نشاطه وجهده للحصول على وسائل العيش من طعام ولباس وسكن، وغير ذلك من الأمور الضرورية وغير الضرورية، ولا شكَّ أن هذا الجهد المبذول من كلِّ إنسان ضروري لتوفير وسائل العيش للآخرين؛ لأنَّ الإنسان لا يستطيع بمفرده توفير جميع ما يحتاجه لنفسه. إنَّ نشاط الإنسان في هذا المجال وما يترتَّب عليه هو الذي يسمَّى بالنشاط الاقتصادي.

ولما كان الإنسان يعيش في المجتمع، فلا يمكنه أن يتمتع بحرية مطلقة فيما يباشره من نشاط، ومنه النشاط الاقتصادي، بل لا بُدَّ من تنظيمه على نحوٍ يرتضيه المجتمع ويحقق الخير له وللفرد. والقواعد والأحكام التي تنظم النشاط الاقتصادي للأفراد في مجتمعٍ ما هِيَ إلّا التي تكوّن النظام الاقتصادي فيه، وهذا النظام -على أيِّ نحو كان- لا بُدَّ له من أساس يقوم عليه، وأفكار معينة تشيع فيه، تكوّن معالمه وخصائصه، وتنسجم أحكامه وقواعده مع هذه المعالم والخصائص، ومع ذلك الأساس الذي يقوم عليه.

٣٨٠- ولما كان الشمول من خصائص الإسلام، فمن البديهي أن يجد في الإسلام تنظيمًا للنشاط الاقتصادي للإنسان، بما وضعه له من قواعد وأحكام في ضوء أفكاره، وهذه القواعد والأحكام وما قامت عليه من أساسٍ تكوّن النظام الاقتصادي الإسلامي.

٣٨١- ويقوم نظام الإسلام في الاقتصاد على أساس العقيدة الإسلامية ويتفرَّع منها، فهذه العقيدة إذن هي أساسه الفكري، وهو يراعي الفطرة الإنسانية ومعاني الأخلاق الفاضلة، ويؤكد على ضرورة سدِّ حاجات الأفراد اللازمة للعيش، وهذه هي خصائصه. وبناء على أساسه وخصائصه تنبثق جملة مبادئ عامة وتنظيمات جزئية، كما أنه يحدِّد موارد بيت المال ومصارفه؛ لتستطيع الدولة توفير حاجات الأفراد ومصلحة المجتمع، وعلى هذا سنتكلم عن أساسه الفكري وخصائصه في مطلب أوّل، ثم عن مبادئه العامَّة في مطلب ثانٍ، ثم عن بيت المال في مطلب ثالث.

<<  <   >  >>