١٠٣- من خصائص الإسلام أنَّه يحرص على إبلاغ الإنسان أعلى مستوى ممكن من الكمال، وهذه هي مثالية الإسلام، ولكنه لا يغفل عن طبيعة الإنسان وواقعه، وهذه هي واقعية الإسلام. فلا بُدَّ من الكلام عن هاتين الناحيتين في مطلبين متتاليين.
[المطلب الأول: المثالية في الإسلام]
المقصود بالمثالية:
١٠٤- قلنا: إنَّ الإسلام يحرص على إبلاغ الإنسان الكمال المقدور له، وهذا يكون بجعل تصرفاته وأقواله وأفعاله وتروكه وقصوده وأفكاره وميوله وفق المناهج والأوضاع والكيفيات التي جاء بها الإسلام، وقد تحقق ذلك كله في رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولذلك أمرنا الله تعالى بالتأسي به {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، وقوام هذه المثالية الاعتدال والشمول.
أولًا: الاعتدال
١٠٥- ونقصد بالاعتدال عدم الإفراط والتفريط في أي شيء، واعطاء كل ذلك حق حقه، يدل على ذلك قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ