للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الخضوع لسلطان الإسلام]

تمهيد:

٣٥٩- قلنا فيما مضى: إنَّ الأمة مخاطبة بأحكام الشرع مكلَّفَة بتنفيذها، مثل أحكام العقوبات، والجهاد، والحكم بين الناس بالعدل، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية التي هي من الفروض في الإسلام، وإنها تملك -بتمليك الشرع لها- السلطة لتنفيذ هذه الأحكام وحمل الناس عليها؛ وحيث إنَّ تنفيذ هذه الأحكام باستعمالها سلطتها لا يمكن أن يكون عن طريق جماعي، فقد برزت قاعدة النيابة لتحقيق ذلك، بأن تنيب الأمة واحدًا عنها من يباشر سلطانها نيابةً عنها لتحقيق ما هي مكلَّفَة به، وهذ النائب هو الخليفة.

سلطان الأمة مقيد غير مطلَق:

٣٦٠- ولكن سلطان الأمَّة مقيد غير مطلق، مقيَّد بالغرض الذي من أجله منحت الأمةُ هذا السلطانَ من قبل الشرع، ومعنى ذلك أنَّ سلطانها مقيَّد بسلطان الله المطلق الذي له الحاكمية الحقيقة المطلقة {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} ، وارادته الشرعية المتمثلة في شرعه، ومن شرعه نظام الحكم في الإسلام، وعلى هذا فإنَّ سلطان الأمة في الحقيقة سلطان تنفيذ لشرع الله ومنه نظام الحكم، وليس بسلطان خلق وابتداع لنظام يهواه.

سلطان الخليفة مقيد غير مطلق:

٣٦١- وإذا كان سلطان الأمَّة مقيَّد بسلطان الإسلام، أي: بشرائعه وأحكامه ونظمه، ومنها نظام الحكم، فإن الخليفة -وهو نائبها- سلطانه في الحكم مقيَّد أيضًا بسلطان الإسلام؛ لأنه لا يمكن أن يملك الوكيل أكثر مما يملكه الموكِّل من سلطة وحق.. فسلطانه سلطان تنفيذ للشرع، وليس بسلطان ابتداع الشرع، ولهذا قال عمر بن عبد العزيز في خطبته بعد توليه الخلافة: إنما أنا متَّبِع ولست بمبتَدِع.

ما يترتَّب على تقييد سلطان الأمة والخليفة:

٣٦٢- ويترتَّب على تقييد سلطان الأمَّة والخليفة بسلطان الإسلام أنه لا يملك

<<  <   >  >>