[المطلب الأول: الفرع الأول: الأساس الفكري للنظام الاقتصادي الإسلامي]
٣٨٢- العقيدة الإسلامية هي الأساس الفكري للنظام الاقتصادي الإسلامي، وهذه العقيدة -كما أشرنا من قبل- تبيِّنُ علاقة الإنسان بالكون، وبخالق الكون، وبالغاية التي من أجلها خُلِق الإنسان، وتفصيل وسائل تحقيق هذه الغاية، فالإنسان -في ضوء هذه العقيدة الحقة- من مخلوقات الله، بل ومن أفضل هذه المخلوقات، وأنَّ الله -سبحانه وتعالى- خلقه لعبادته بمعناها الواسع، وأنه لا يبلغ هذه الغاية إلّا بالخضوع الاختياري المطلق لله رب العالمين، ومظهر هذا الخضوع صياغة نفسه وسلوكه ونشاطه، ومنه النشاط الاقتصادي، على النحو الذي فصَّله وشرَّعه الله تعالى، وعلى هذا فإنَّ النظام الاقتصادي في الإسلام يعمل مع غيره من أنظمة الإسلام؛ لتسهيل وتيسير السبل للإنسان لبلوغ الغاية التي خُلِق من أجلها، وهي عبادة الله وحده، فإذا تيسَّرت هذه العبادة للإنسان زكت نفسه بالقدر المطلوب، وصار أهلًا للظفر بالحياة الطيبة في الآخرة، فضلًا عن ظفره بالسعادة في الدنيا.
إنَّ فقه هذا الأساس الفكري للنظام الاقتصادي في الإسلام من قِبَل المسلم ضروري جدًّا له؛ لأنه بهذا الفقه واستحضاره في ذهنه سيعرف مركزه الحقيقي في الدنيا وعلاقته بها، وغايته في الحياة، وبالتالي يتقبَّل بنفس رضيِّة جميع الضوابط والتنظيمات التي جاء بها الشرع الإسلامي في مجال النشاط الاقتصادي، وسيندفع لتنفيذ هذه الضوابط والتنظيمات والتقيُّد بها، وبهذا تظهر ثمار النظام الاقتصادي في واقع الحياة، ويسهم هذا النظام في تحقيق ما خُلِق الإنسن من أجله.