٢٤٨- كما يجوز أن تكون الفتوى متعلقة بموضوع آخر غير موضوع الاستفتاء، وهذا يكون إذا رأى المفتي أنَّ الجواب على موضوع الاستفتاء لا يفيد المستفتي، أو لا يقوى على إدراكه وفهمه، فيحيد عن جواب سؤاله إلى بيان بعض ما يحتاجه المستفتي، ويدل على ذلك قوله -تبارك وتعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ} .
وضوح الفتوى:
٢٤٩- ولما كانت الفتوى تتضمَّن بيان حكم الشرع وتبليغه، فيجب أن تكون واضحة مفهومة؛ لأنَّ التبليغ يجب أن يكون بالأسلوب المبيّن، ولهذا قال تعالى في تبليغ الرسالة وقيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا التبليغ:{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} ، ويتأتَّى وضوح الفتوى باللغة السهلة والأسلوب المفهوم لدى المستفتي، بعيدةً عن الاصطلاحات التي لا يفهمها المستفتي، كما ينبغي أن تكون خالية من التردد وعدم القطع في الجواب، كأن يقول المفتي: في المسألة قولان؛ لأن المستفتي يريد الجواب القاطع الذي يقلد المفتي فيه، ويعمل بموجبه.
ومن لوازم وضوح الفتوى وإيضاحها للمستفتي أن يمهد المفتي إذا كان فيها حكم مستغرب، حتى يزول هذا الاستغراب عند المستفتي بهذ التمهيد.
الإيجاز والإطالة في الفتوى:
٢٥٠- والوضوح في الفتوى لا يستلزم الإطالة بالضرورة، ولهذا كان الأصل في الفتوى الإيجاز والاختصار حتى تبدو وكأنَّها نص قانوني؛ لأنَّ الغرض من الفتوى بيان الحكم الشرعي في المسألة للمستفتي، وليس الغرض منها مناقشة الآراء وسوق الأدلة، وعلى هذا يجوز للمفتي ويسعه أن يقول في فتواه جوابًا للمستفتي: يجوز، أو لا يجوز.
أو يقول: نعم، أو لا.
٢٥١- ولكن يجب أن يعلم أن الإيجاز في الفتوى لا يجوز إذا كان على حساب الإخلال بالبيان المطلوب والوضوح المطلوب، وعلى هذا يجب على المفتي أن يطيل في فتواه إذا كان ذلك لا بُدَّ منه لوضوح الفتوى وتخليصها من الإبهام والغموض، فمن