استفتى عن حكمِ مَنْ قال قولًا يكفِّر قائله، فلا يبادر المفتي بالقول: إنَّه حلال الدم، وإنما يجب أن يكون الجواب بشيء من التفصيل والإطالة، كأن يقول في الجواب: إذا ثبت ذلك عليه بالبينة الشرعية، أو بالإقرار، استتابه ولي الأمر، فإن تاب قبلت توبته، وإن أصر ولم يتب قُتل. وكذلك إذا سُئِل المفتي عن كلام يحتمل معنيين فليقل في فتواه: إن أراد المستفتي بكلامه كذا وكذا، فالحكم كذا، وإن أراد كذا، فالحكم كذا.
٢٥٢- وإذا كان في المسألة تفصيل لم يطلق المفتي الجواب بل يفصله، وإذا كان السؤال يتضمَّن جملة مسائل فصلها المفتي وذكر مع كل مسألة الفتوى التي تخصها.
ذكر دليل الفتوى:
٢٥٣- ويجوز أو يندب للمفتي أن يذكر في فتواه الدليل الذي استند إليه، كأن يذكر نصًّا من كتاب الله أو سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم، أو إجماع الفقهاء، أو قياسًا جليًّا، وإذا كانت المسألة مما اختلفت فيها أنظار المجتهدين فيندب للمفتي أن يذكر في فتواه الأدلة التي جعلته يرجِّح أو يأخذ بفتواه هذه، كما يجوز للمفتي أن يناقش أدلة الآراء الأخرى التي لم يأخذ بها.
وكذلك يندب ذكر الدليل إذا كانت هناك فتوى باطلة تتعلق بموضوع الاستفتاء حتى يعلم المستفتي وغيره دليل فتواه، وبطلان الفتوى السابقة.
وما قلناه يفعله المفتي من تلقاء نفسه، أمَّا إذا سأله المستفتي عن الدليل، فقد قلنا فيما سبق: إنَّ على المفتي أن يجيبه ويذكر له الدليل.
تغيُّر الفتوى بتغيُّر المكان والزمان:
٢٥٤- والفتوى قد تتغيِّر بتغيُّر المكان والزمان، وهذا إذا كان الحكم الشرعي مبنيًّا على عرف بلد وتغيِّر هذا العرف، ولم يكن العرف الجديد مخالفًا للنصِّ الشرعي، أو كان الحكم الشرعي مبنيًّا على معنى معين وتغيِّر ذلك المعنى، كما في صدقة الفطر، فقد جاء الحديث الشريف بإخراج صاعٍ من تمرٍ أو شعيرٍ أو زبيبٍ أو أقط، وقد قال العلماء: يجوز إخراج صدقة الفطر من الذرة أو الأرز أو غيرهما إذا كانت هذه