فتنة، أي: اختبارًا ومحنة يعمّ بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب بل يعمها".
١٦٨- ب: من السنة النبوية المطهرة
جاء في صحيح الإمام البخاري -رحمة الله تعالى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مَرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وأن أخذوا على أيديهم نجو ونجوا"، ففي هذا الحديث دليل كما يقول الإمام القرطبي على تعذيب العامة بذنوب الخاصة، وفيه استحقاق العقوبة للجماعة كلها عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، وأنَّه إذا لم تغير المنكرات وترجع الأمور إلى حكم الشرع وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران ذلك البلد١، ويمكن القول أيضًا أنَّ في هذا الحديث الشريف دلالة أخرى، وهي أنَّ الانحراف عن النهج الصحيح والمسلك السديد يؤدي إلى الهلاك أو الضرر، ولا ينفع في دفعهما عن الجماعة كون المنحرفين حسني النية والقصد؛ لأن الذين أرادوا خرق السفينة إنما أرادوا بخرقها عدم إيذاء من فوقهم، فلم يغن عنهم حسن مقصدهم؛ لأن فعلهم خروج عن النهج السديد في معالجة ما يهم الجميع.
وعن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ، واني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه"، فهذا يدل على أن وقوع الفساد في المجتمع والسكوت عليه وعدم تغييره سبب للعقاب الجماعي.
ميزان صلاح المجتمع وفساده:
١٦٩- وإذا كان الفرد مسئولًا عن إصلاح المجتمع وإزالة فساده، فما هو