أ- إن الواجب على كل مسلم أن يعرف حكم الله فيما يلزمه من أمور، كما ورد في الكتاب والسنة وبالاستباط الصحيح منهما، أو من المصادر التي أشارت إليها نصوص الكتاب والسنة.
ب- والأصل أن المسلم -ما دام قادرًا على الاجتهاد- أن يعرف حكم الله تعالى عن طريق البحث والنظر في معاني القرآن والسنة، وفيما دلت عليه نصوصهما من أدلة الاستنباط، وبهذا تكون معرفته للأحكام مبنية على الدليل والبرهان، وهي المعرفة التي أمر بها الشرع الشريف.
ج- وللمسلم القادر على البحث والاجتهاد أن يأخذ بمناهج المجتهدين في البحث والاستنباط ما دامت تلك المناهج سائغة وجائزة الاتباع بموجب الدليل والبرهان، وإن تفاضلت فيما بينها بالجودة والقرب من الصواب وبالأولوية بالاتباع.
د- وإذا كان المسلم عاجزًا عمَّا تقدم، فعليه أن يستعين بأهل العلم ليدلوه على أحكام الشرع ويقلّدهم بما يقولون، باعتبار أنَّ ما يخبرونه به هو حكم الشرع، والله تعالى أمر من لا يعلم أن يسأل من يعلم، وفائدة السؤال هو الأخذ بجواب أهل العلم والعمل به، وإلّا لم يكن للسؤال فائدة ولا معنى، وهذا ما ينزّه عنه الشارع الحكيم.
هـ- وللمسلم العاجز عن الاجتهاد أن يستعين بكتب العلماء الموثوقة والمشهود لأصحابها بالإمامة بالدين، مثل أصحاب المذاهب المعروفة، فيتفقه بها ويتخرَّج عليها، ويأخذ بما فيها باعتبار أنَّ ما فيها هي أحكام الشرع التي وصل إليها أصحابها، وهم علماء فقهاء أهل لمعرفة أحكام الشرع.
و وإذا تفَقَّه المسلم بفقه هذه المذاهب وانتسب إلى أحدها، فقيل عنه: إنه شافعي أو حنفي، فإن هذا الانتساب يعني: تفقه بفقه هذا المذهب، واتخاذه دليلًا وهاديًا له إلى أحكام الشرع، فالمذهب بحقه كاشف له عن أحكام الشرع، وليس مصادمًا للشرع، وعلى هذا الأساس انتسب إليه.
ز- وعلى هذا، فإذا تبيِّن لهذا المنتسب أنَّ مذهبه لم يوفق في الدلالة إلى الصواب في مسألة معينة، وأن الصواب فيها عند غير هذا المذهب، وبالتالي اتبع غير مذهبه في هذه المسألة، فهو في هذا المسلك محسن غير مسيء، ولهذا نقل عن أصحاب المذاهب أن