و للمحتسب أن يأخذ على عمله أجرًا من بيت المال، وليس للمتطوع ذلك.
ز- للمحتسب أن يجتهد في المسائل المبنية على العرف، فيقر منها ما يراه صالحًا للإقرار، وينكر منها ما يراه مستحقًّا للإنكار، وليس للمتطوع ذلك.
رأينا في هذه الفروق:
٢٧٣- هذه الفروق بُنِيَت على أساس التفريق بين المعيَّن للحسبة وغير المعيَّن لها.
والواقع أنَّ الحسبة من فروض الإسلام، فلا يتوقف القيام بها على التعيين من قِبَل ولي الأمر، ومن ثَمَّ كانت تسمية غير المعيَّن بالمتطوِّع تسمية غير دقيقة؛ لأنها تشعر بأنَّ القيام بالحسبة من قِبَل غير المعيَّن لها هو من قبيل القيام بالأمور المستحبَّة غير الواجبة.
ومع هذا، فإن تنظيم الحسبة وضبطها من قِبَل ولي الأمر، وتعيين الأكفاء لها، حتى لا تسود الفوضى في المجمتع باسم الحسبة أقول: إن هذه التنظيم من الأمور الحسنة، ولكن يشرط أن لا يكون هذا التنظيم مانعًا من قيام الآخرين بواجب الحسبة على الوجه المشروع، وعلى هذا لا نرى ما قاله الفقهاء من أنَّ المحتسب له أن يتَّخذ أعوانًا، أمَّا التطوع فليس له ذلك؛ لأن اتِّخَاذ الأعوان على الحسبة من التعاون على البر والتقوى، فلا ينبغي منع من يقوم بالحسبة من هذا التعاون بحجّة أنه غير معيَّن من قِبَل ولي الأمر، ما دام صالحًا للحسبة وتتوفَّر فيه شروط الحسبة. وكذلك لا نرى منع المتطوع من التعزيز على المنكرات الظاهرة، أو على الأقل: لا نرى منعه من التعزير مطلقًا؛ لأنَّ التعزير درجات، فينبغي أن لا يمنع إلّا من بعضها لا كلها، كأن يمنع من الضرب والجلد.
ولاية المحتسب:
٢٧٤- ولاية المحتسب يستمدُّها من الشرع الشريف؛ لأنَّ المسلم مكلَّف بالحسبة، وحيث يوجد التكليف توجد الولاية على القيام بما كلف به، إلّا أنه في حالة قيام ولي الأمر بتنظيم أمور الحسبة وتعيين الأكفاء لها، فإن المعيَّن يملك من الولاية أكثر مما يملكه غير المعيَّن، ومع هذا فإنَّ ولاية المحتسب المعيَّن من قِبَل ولي الأمر يستمدها من الشرع، وإن جاءت عن طريق ولي الأمر، باعتبار أنَّ تنظيم ولي الأمر للحسبة سائغ مشروع، فكأن الشرع خوله ذلك.