في الصناعات والبياعات، يدل على ذلك الحديث الشريف عن أبي هريرة -رضي الله عنه، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا، فقال:"ما هذا يا صاحب الطعام"؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله، قال:"أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، مَنْ غشَّنَا فليس منا"، والواقع أنَّ الغش يكون في أشياء كثيرة جدًّا، فيكون مثلًا في البيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع، مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرًا من باطنه، ويدخل في الصناعات مثل الذين يصفون المطعومات والملبوسات، فيجب نهي هؤلاء عن الغش الذي يرتكبونه في مصنوعاتهم أو بياعاتهم.
٣١١- رابعًا: فيما يتعلق بالطرق والدروب
مثل بناء الدكات، ووضع الاسطوانات، وغرس الأشجار، ووضع الأخشاب والسلع والأطعمة في الطرقات، وذبح الحيوانات في الطريق وتلويث الأرض بالدماء، وطرح القمامة في الدروب والأزِقَّة، وإلقاء قشور البطيع فيها ورشها بالماء؛ بحيث يخشى منها الزلق، ونحو ذلك مما فيه ضرر بالناس، فيمنع ذلك كله ويحتسب فيه؛ لأنه ضرر وهو ممنوع في الشريعة، وإذا وقع يجب رفعه.
٣١٢- خامسًا: فيما يتعلق بالحرف والصناعات
وقد ذكر الفقهاء جميع الحرف والصناعات وبينوا كيفية الاحتساب فيها، والأصول الجامعة في الاحتساب فيها هي:
أ- من حيث المكان: فيجب أن يكون مكان الحرفة أو الصنعة لا ضرر فيه على الآخرين، فلا يكون مكان الخباز في سوق الأقمشة مثلًا، وأن يكون المكان بذاته صالحًا لمباشرة المهنة أو الصنعة، وصلاحه من جهة نظافته وسعته وتهويته.
ب- من حيث أدوات الحرفة أو الصنعة: يجب أن تكون صالحة للاستعمال، وقد وضع الفقهاء -رحمهم الله تعالى- مقاييس لصلاح كل أداة كأنَّهم هم أصحاب تلك الصنائع والحرف، فالإمام الشيرازي يقول في مقلى الزلابية: "ينبغي أن يكون مقلى