القسم الثاني: أرض فتحت صلحًا على خراجٍ معلوم، فهي على ما صالحوا عليه، ولا يلزمهم أكثر منه، وهي على نوعين: أحدهم: يصالحهم الإمام على أنَّ ملك الأرض للمسلمين، فتصير بهذا الصلح وقفًا من دار الإسلام، ويكون الخارج أجرة لا يسقط عنهم بإسلامهم.
والنوع الثاني: أن يصالحهم الإمام على أنَّ الأرض لهم، على أن يؤدوا خراجًا معلومًا، ويجوز لهم التصرف بها بالبيع ونحوه، بخلاف النوع الأول.
القسم الثالث:
أرض فتحها المسلمون بالحرب واستولوا عليها عنوة، فهذه اختلف فيها الفقهاء، تقسَّم على الغانمين المسلمين بعد إخراج خمسها إلى من ذكرهم الله تعالى، إلّا إذا رغب الغانمون بتركها لبيت المال، فتوقف على مصالح المسلمين، وقال الإمام مالك -رحمه الله تعالى: تصير وقفًا على المسلمين، ولا يجوز قسمتها بين الغانمين، وقال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى: الإمام فيها بالخيار بين قسمتها بين الغانمين، فتصير أرضًا عشرية، أو يعيدها إلى أيدي المشركين أصحابها الأصليين بخراجٍ يضربه عليها، فتكون أرض خراج، ويكون المشركون بها أهل ذمَّة، أو يوقفها على كافّة المسلمين، وتصير هذه الأرض من إقليم دار الإسلام، سواء سكنها المسلمون أو أعيد إليها المشركون لملك المسلمين لها، ولا يجوز التنازل عنها للمشركين، ورجَّح الإمام أبو عبيد أنَّ الخيار للإمام في الأرض المفتوحة عنوة، فله أن يقسمها على الغانمين بعد إخراج الخمس منه، كما له أن يجعلها موقوفة على المسلمين عامَّة، ورأي الحنفية يتضمَّن هذ الذي رجَّحه أبو عبيد، وعلى هذا نميل إلى رأي الحنفية.
٤٤٧- أما الأموال المنقولة فهي الغنائم المألوفة، ولا تقسم إلّا بعد انجلاء الحرب وتحقق ظفر المسلمين، ويجوز بعد جمعها قسمتها في دار الحرب، كما يجوز تأخير قسمتها بعد الرجوع إلى دار الإسلام بحسب ما يراه الأمير من المصلحة، فإذا أرادوا قسمتها بدأ بأسلاب القتلى، فأعطى كل قاتل سلب قتيله، والسلب ما كان عى المقتول من لباس، وما كان معه من سلاح يقاتل به، وما كان تحته من فرس يقاتل عليه، ثم يبدأ بعد إعطاء السلب لمسحقيه بإخراج الخمس من جميع الغنيمة، ويوزَّع إلى مستحقيه على ما سنذكره في باب مصارف بيت المال، ثم يرضخ بعد إخراج الخمس لأهل الرضخ، وهم من لا سهم له مِمَّن يكون مع الجيش الإسلامي؛ كالنساء والصبيان