للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرث الله الأرض ومن عليها، فما دلالة ذلك؟ دلالة ذلك واضحة وهي ثبوت نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- بالدليل القاطع والبرهان الساطع والحجة القائمة الموجودة بين أيدينا الآن، التي لا يستطيع أيّ مكابر أن ينكرها أو يغالط فيها، وإذا عرفنا أنَّ هذا الدليلن ظلَّ قائمًا عبر القرون الطويلة منذ عهد نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وحتى الآن، وأنَّ الإسلام واجه مختلف الخصوم والمعاندين والكفار من أصحاب الأفكار الباطلة، وأنهم بذلوا كل جهد مستطاع لديهم لطعن الإسلام والتشكيك فيه، والدسِّ عليه وتلويث أفكاره وعقائده، ومع هذا لم يجرءوا على إجابة تحديه وكسره، نقول: إذا عرفنا ذلك عرفنا قوة هذا الدليل؛ دليل إعجاز القرآن على صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وصدق رسالته.. إن دليلًا ثبت صدقه مدة أربعة عشر قرنًا لهو أعظم دليل يقام لاثبات نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم.

إنكار نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- تنقيص بعقل الإنسان:

٤١- وبناءً على ما تقدَّم نعتبر إنكار نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد ظهور الدليل القاطع على نبوته وصدقه تنقيصًا بالعقل البشري السويّ، وجحودًا ما بعده جحود، وعنادًا محضًا، وجرمًا كبيرًا، ومن ثَمّ كان جزاؤه غليظًا عند الله، وصاحبه ينخرط في عداد الكفرة المتمردين على الله. هذه واحدة، والأخرى أنَّ من ينكر نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- فلا سبيل له إطلاقًا للإيمان بأي نبي؛ لأنَّ من ينكر وجود الشمس وهو يراها لا سبيل له إلى الإيمان بوجود نجم لا يراه، وإذا آمن به كان متناقضًا في إيمانه هذا وإنكاره ذاك.

إثبات نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- إثبات لسائر النبوات:

٤٢- هذا وإنَّ إثبات نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- إثبات لسائر النبوات؛ لأن هذه النبوات ذكرها القرآن وذكر أصحابها وهم الرسل الكرام، فإذا ثبت بدليل الإعجاز أنَّ القرآن من عند الله، وأن محمدًا رسول الله، ثبت كل ما في القرآن، وثبت كل ما أخبر به محمد -صلى الله عليه وسلم، ونحن نقول هذا لأنَّه ليس بين أيدينا دليل قاطع حيّ على إثبات نبوة أيِّ نبي قبل محمد -صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فإنَّ من ينكر نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم، ويريد أن يدعو إلى الإيمان بنبوة غيره، يكون متناقضًا، ويعطي الحجة بيد المدعو على عدم التصديق بأصل

<<  <   >  >>