للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرطًا للإحصان، فمن قذف ذميِّة بالزنى وجب عليه الحدّ كما لو قذف مسلمة، وحجتهم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} ، وهذا عموم يدخل فيه الكافرة والمسلمة١.

٤٨١- وإذا قذف الزوج زوجته بالزنى، وعجز عن إثبات قذفه، وجب عليه اللعان، وإذا أثبت قذفه بالبينة وجب على زوجته حدّ الزنى، والأصل في اللعان قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ٢.

إذا نكل الزوج القاذف ولم يلاعن حُدَّ في قول الجمهور حدَّ القذف، وقال أبو حنيفة -رحمه الله: لا يُحَدّ ويحبسه الحاكم حتى يلاعن أو يذُبَّ نفسه فيحد حدَّ القذف، وإن نكلت الزوجة وجب الحدّ عليها في قول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: تحبس حتى تلاعن، وعند الحنابلة: إذا نكلت الزوجة لم تحدّ، وفي حبسها حتى تلاعن أو تقرّ روايتان٣.

٤٨٢- ثالثًا: عقوبة الخمر

وحد الشرب ثابت بسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع المسلمين، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه ضرَبَ في شرب لخمر بالجريد والنِّعَال أربعين، وضرب أبو بكر -رضي الله عنه- أربعين، وضرب عمر في خلافته ثمانين. وكان علي -رضي الله عنه- يضرب مرَّة أربعين، ومرَّة ثمانين، فمن العلماء من يقول: يجب ضرب الثمانين، ومنهم من يقول: الواجب أربعون، والزيادة يفعلها الإمام عند الحاجة إذا أدمن الناس الخمر، أو كان الشارب ممن لا يرتَدِع بدونها، ونحو ذلك، فأمَّا مع قلة الشاربين وعدم اعتيادها من الشارب، فتكفي الأربعون٣، والخمر التي حرمها الله ورسوله، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-


١ بداية المجتهد ج٢ ص٣٦٨، المغني ج٨ ص٢١٦، الماوردي ص٢٢١، المحلَّى ج١١ ص٢٦٨.
٢ سورة النور، الآيات: ٦- ٩.
٣ بداية المجتهد ج٢ ص٩٩، الهداية وفتح القدير ج٣ ص٢٥٠، ٢٥١، أبو يعلى الحنبلي ص٢٥٦.
٤ مجموع فتاوى ابن تيمية ج٢٨ ص٣٣٦، ٣٣٧.

<<  <   >  >>