للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} ١، ويبقى هذا الاحترام والتوقير بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي رفع الصوت في مسجده وعند قبره، كما يجب التأدُّب عند سماع حديثه الشريف وسنته المطهرة، والإصغاء الكامل لها والرضى بها، وعدم الخروج عليها، أو معارضتها بالآراء الفاسدة، فإذا سمع المسلم: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم"، فليعلم أنَّه لا قول لأحدٍ مع قوله -صلى الله عليه وسلم، ولا معارضةً لقوله، وإنما هو الاستماع وفهم هذا القول النبوي الكريم، والعزم على العمل به.

ثالثًا: الابتعاد الكامل التامّ عن إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في أي شيء وبأي قدر من الإيذاء، فإنَّ هذا كله حرام، وقد يؤدي إلى خروج المسلم من الإسلام، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} ١، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٢، ويدخل في نطاق إيذائه المحرَّم إيذاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالطعن في زوجاته الكريمات أو سبهن أو عداوتهنَّ، فهنَّ أمهات المؤمنين بنصِّ القرآن، قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ، وهن زوجاته الكريمات في الدنيا والآخرة، كما يدخل في إيذائه -صلى الله عليه وسلم- إيذاؤه بالطعن في آل بيته الأطهار أو سبهم أو عداوتهم.

رابعًا: الصلاة والسلام عليه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .

التحرز من خلط ما لله بما للرسول من حق:

٤٦- ومما يجب التنويه به والتذكير به التحرُّز من خلط ما لله من حقٍّ بما للرسول -صلى الله عليه وسلم- من حق، فإن المسلم قد يقع في هذا دون أن يشعر، أو يقع فيه متعمدًا ظانًّا أنه من واجب المسلم نحو الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّ من حقه على المسلم، أو أنَّ ذلك من مزيد محبته للنبي -صلى الله عليه وسلم، فيقع في الشرك الخفي أو الجلي، وبالتالي يقع في سخط الله.

إن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحقيقة هي متابعته والمسارعة إلى مرضاته، وهذا لا يتمّ إلّا


١ سورة الحجرات، الآية: ١-٣.
٢ سورة الأحزاب، الآية: ٥٣.
٣ سورة التوبة، الآية: ٦١.

<<  <   >  >>