٥٨- لا شك في تفاضل الأعمال الصالحة من حيث الأجر والثواب، ومن حيث درجة طلب الشرع لها، فالفرض أفضل من المندوب، وما عظم نفعه للجماعة أفضل مما اقتصر نفعه على فاعله، والقاعدة في أفضل الأعمال الصالحة بالنسبة لشخصٍ ما: هو العمل المطلوب منه شرعًا في وقتٍ معيِّن وظرف معين، فالصلاة حين حلول وقتها أفضل من غيرها، وأوجب على المسلم أن ينشغل بها من غيرها، والجهاد في وقته أفضل بالنسبة لمن وجب عليه من القيام بنوافل العبادات وطلب العلم، والصيام في وقته أفضل بالنسبة لمن وَجَب عليه من الانشغال بغيره من العبادات، وهكذا. وعلى المسلم أن يتحرَّى ما هو الأحب لله تعالى في هذا الوقت، أو في هذه الظرف القائم، فيسارع إليه ويفضله على ما سواه، وبهذا تتحقق فيه العبودية الخالصة لله بإيثاره دائمًا ما يحبه الله على ما تحبه نفسه وتهواه وإن كان من الأعمال الصالحة.
أثر العبادات في صلاح الفرد والمجتمع:
٥٩- وللعبادات المختلفة تأثير واضح في سلوك الفرد، فهي التي تزكِّي نفسه كما قلنا، وتزيد مراقبته لربه تعالى في السر والعلن، والخوف منه، فينزجر عن المعاصي والإضرار بالناس، ويسارع إلى عمل الخير، ولا شكَّ أن المجتمع سيكون سعيدًا إذا زاد فيه عدد الصالحين الخائفين من الله تعالى، وأنَّ كمية الخير في المجتمع ستكثر، وأن مقادير الشر والسوء ستقل. وعلى هذا يمكننا أن نقول: إن العبادات في الإسلام تصلح الفرد والمجتمع، وتنفع الفرد والمجتمع.