للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشركوا به شيئًا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي، وتمنعوني حتى أبيِّن عن الله ما بعثني به"١، وفي بيعة العقبة الكبرى قال -صلى الله عليه وسلم: "أبايعكم على أن تمنعوني ما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم" ٢.

استعانة الداعي بغير المسلم:

٧١٠- قد يحتاج الداعي إلى حماية المشرك مِمَّن يريد إيذاءه أو منعه من تبليغ الدعوة، فهل يجوز للداعي أن يطلب هذه الحماية من غير المسلم، أو يقبلها إذا عرضها عليه؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فما شروط طلبها أو قبولها؟ ثم هل يجوز للداعي أن يستعين بغير المسلم في بعض أمور الدعوة؟ هذا ما نجيب عنه في الفقرات التالية:

جواز الاستعانة بغير المسلم لغرض حماية الداعي:

٧١١- يجوز للداعي المسلم أن يقبل حماية غير المسلم له، ومنع الأذى عنه، وتمكينه من الدعوة إلى الله، كما يجوز للداعي أن يطلب هذه الحماية منه، ودليلنا على ذلك ما يأتي:

أولًا: من الثابت أنَّ أبا طالب كان يحمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ويمنعه من قريش، وكان -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على بقاء عمِّه أبي طالب على موقفه هذا، وعدم تخليه عنه، وقد رفض أبو طالب فعلًا التخلي عن ابن أخيه، بالرغم من إغراء قريش وتهديدها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فقام في بني هاشم وبني المطلب "فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والقيام دونه.... إلخ"٣، ولمَّا مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم تكن تطمع فيه في حياة أبي طالب، حتى قال -صلى الله عليه وسلم: "ما نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب" ٤ وسمَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام الذي ماتت فيها خديجة -رضي الله عنها- وأبو طالب عام الحزن٥.


١ ابن هشام ج٢، ص٣١، ٣٢.
٢ ابن هشام ج٢، ص٥٠.
٣ ابن هشام ج٢، ص٢٨١.
٤ ابن هشام ج٢، ص٢٣٦.
٥ إمتاع الأسماع، ص٢٧.

<<  <   >  >>