للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الله جماعية، كما قام نفر من المسلمين بنشر الإسلام في المجتمعات الوثنية كمجاهل إفريقيا، فعليهم أن يرعوا قواعد النظام التي أمر بها الإسلام، حتى تثمر جهودهم ولا تضيع، فإنَّ القليل من العمل بنظامٍ، والدوام عليه، خير من التكثير مع الفوضى والانقطاع، ومن مظاهر العمل الجماعي تشكيل الجمعيات الدينية التي تنشر محاسن الإسلام، وتعلم الناس أمور الدين والعبادة.

معالم النظام الجماعي في التشريعة الإسلامية:

٧٢٠- ومعالم النٌّظم في الشريعة الإسلامية للعمل الجماعي في مجال الدعوة إلى الله كثيرة، ويجب مراعاتها والاهتمام بها، فمن هذه المعالم:

أولًا: لا بُدَّ لكلِّ جماعة من رئيس، تلك حقيقة قررتها الشريعة وأمرت بها، ويؤيدها الواقع، ويدركها العقل السليم، ولهذا جاء في الحديث الشريف: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم"، ويقول الإمام ابن تيمية تعليقًا على هذا الحديث: "فأوجب -صلى الله عليه وسلم- تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهًا بذلك على سائر أنواع الاجتماع؛ ولأنَّ الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتمّ ذلك إلّا بالقوة والإمارة"٣، والمقصود من الإمارة تحقيق طاعة الله ورسوله وتنفيذ أوامره، قال ابن تيمية: "فالواجب اتخاذ الإمارة دينًا وقربة يتقرَّب بها إلى الله، فإن التقرب إليه بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات، وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة أو المال بها"٢.

ثانيًا: في بيعة العقبة الثانية: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا؛ ليكونوا على قومهم بما فيهم" ٣.

ثالثًًا: كان -صلى الله عليه وسلم- كلما خرج من المدينة لغزوة ونحوها يعيِّن من ينوب عنه على المدينة.


١ مجموع فتاوى ابن تيمية ج٢٨، ص٩٣٠.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية ج٢٨، ص٣٩١.
٣ ابن هشام ج٢، ص٥١.

<<  <   >  >>