بالجنان، وأن التفريط بهذا الشرط لا يغني عنه حتى الصلاة والصيام، جاء في الحديث أنَّ بعض المسلمين قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: إنَّ فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها، قال:"لا خير فيها، هي من أهل النار".
سابعًا: إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو ربه بأن يحسِّن خلقه -وهو ذو الأخلاق الحسنة، وأن يهديه لأحسنها، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه:"اللهم حسَّنت خَلْقي فحَسِّن خُلُقِي"، ويقول:"اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلّا أنت، واصرف عني سيئها، فإنه لا يصرف عني سيئها إلّا أنت"، ومعلوم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يدعو إلّا بما يحبه الله ويقربه منه.
ثامنًا: مدح الله تعالى رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- بحسن الخلق، فقد جاء في القرآن الكريم:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، والله تعالى لا يمدح رسوله إلّا بالشيء العظيم، مما يدل على عظيم منزلة الأخلاق في الإسلام.
تاسعًا: كثرة الآيات القرآنية المتعلقة بموضوع الأخلاق، أمرًا بالجيِّد منها ومدحها للمتصفين به، ومع المدح الثواب، ونهيًا عن الرديء منها، وذمِّ المتصفين به، ومع الذم العقاب، ولا شكَّ أن كثرة الآيات في موضع الأخلاق يدل على أهيمتها، ومما يزيد في هذه الأهمية أنَّ هذه الآيات منها ما نزل في مكة قبل الهجرة، ومنها ما نزل في المدينة بعد الهجرة، مما يدل على أن الأخلاق أمر مهم جدًّا لا يستغني عنه المسلم، وأنَّ مراعاة الأخلاق تلزم المسلم في جميع الأحوال، فهي تشبه أمور العقيدة من جهة عناية القرآن بها في سوره المكية والمدنية على حدٍّ سواء.
خصائص نظام الأخلاق في الإسلام:
١١٩- يتميز نظام الأخلاق في الإسلام بجملة خصائص، منها: تفصيل الأخلاق، وشمولها، ولزومها في الوسيلة والغاية، وارتباطها بمعاني الإيمان والتقوى، ووقوع الجزاء فيها، ونبيِّن فيما يلي هذه الخصائص بإيجاز:
التعميم والتفصيل في الأخلاق:
١٢٠- دعا الإسلام إلى الأخلاق الكريمة دعوة عامة، من ذلك ما جاء في القرآن الكريم: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ