فِي حَيَاةِ الْمَسِيحِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَهَابِهِ وَتَوَلِّيهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: يَثْبُتُ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِمَا يَدُومُ وَيَبْقَى مَعَهُمْ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَقَاءَ ذَاتِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ بَقَاءُ شَرْعِهِ وَأَمْرِهِ، وَالْبَارَقْلِيطُ الْأَوَّلُ لَمْ يَثْبُتْ مَعَهُمْ شَرْعُهُ وَدِينُهُ إِلَى الْأَبَدِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الثَّانِي صَاحِبُ شَرْعٍ لَا يُنْسَخُ بَلْ يَبْقَى إِلَى الْأَبَدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا الْبَارَقْلِيطَ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ يَشْهَدُ لَهُ، وَيُعَلِّمُهُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ يُذَكِّرُهُمْ كُلَّ مَا قَالَهُ، وَأَنَّهُ يُوَبِّخُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيئَتِهِ.
قَالَ: وَالْفَارَقْلِيطُ الَّذِي يُرْسِلُهُ أَبِي هُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ كُلَّ مَا قُلْتُ لَكُمْ.
وَقَالَ: إِذَا جَاءَ الْفَارَقْلِيطُ الَّذِي أَبِي يُرْسِلُهُ هُوَ يَشْهَدُ لِي أَنِّي قُلْتُ هَذَا، حَتَّى إِذَا كَانَ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَلَا تَشُكُّوا فِيهِ.
وَقَالَ: إِنَّ خَيْرًا لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَبِي، إِنْ لَمْ أَذْهَبْ لَمْ يَأْتِكُمُ الْفَارَقْلِيطُ، فَإِذَا انْطَلَقْتُ أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ، فَهُوَ يُوَبِّخُ الْعَالِمَ عَلَى الْخَطِيئَةِ، وَإِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ، لَكِنْ إِذْ جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ ذَاكَ الَّذِي يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْطِقُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَا يَسْمَعُ وَيُخْبِرُ بِكُلِّ مَا يَأْتِي وَيُعَرِّفُكُمْ جَمِيعَ مَا لِلْأَبِّ.
فَهَذِهِ الصِّفَاتُ وَالنُّعُوتُ الَّتِي تَلَقَّوْهَا عَنِ الْمَسِيحِ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute