للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِدًّا، وَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا كَثَّرَ إِسْمَاعِيلَ وَعَظَّمَهُ عَلَى إِسْحَاقَ جِدًّا جِدًّا بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِذَا طَابَقْتَ بَيْنَ مَعْنَى الْبَارَقْلِيطِ وَمَعْنَى مُوَدَ مُوَدَ وَمَعْنَى مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَنَظَرْتَ إِلَى خِصَالِ الْحَمْدِ الَّتِي فِيهِ وَتَسْمِيَتِهِ أُمَّتَهُ بِالْحَامِدِينَ، وَافْتِتَاحِ كِتَابِهِ بِالْحَمْدِ، وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالْحَمْدِ، وَكَثْرَةِ خِصَالِ الْحَمْدِ الَّتِي فِيهِ، وَفِي أُمَّتِهِ وَفِي دِينِهِ، وَفِي كِتَابِهِ، وَعَرَفْتَ مَا خَلَّصَ بِهِ الْعَالِمَ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَالْخَطَايَا وَالْبِدَعِ، وَالْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَمَا أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ، وَقَمَعَ بِهِ الْبَاطِلَ وَحِزْبَهُ، تَيَقَّنَتْ أَنَّهُ الْفَارَقْلِيطُ بِالِاعْتِبَارَاتِ كُلِّهَا. فَمَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ؟! وَمَنْ هُوَ الْعَاقِبُ لِلْمَسِيحِ، وَالشَّاهِدُ لِمَا جَاءَ بِهِ وَالْمُصَدِّقُ لَهُ بِمَجِيئِهِ؟! وَمَنْ ذَا الَّذِي أَخْبَرَنَا بِالْحَوَادِثِ وَالْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَخُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَظُهُورِ الدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَنُزُولِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ، وَظُهُورِ النَّارِ الَّتِي تَحْشُرُ النَّاسَ، وَأَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنَ الْغُيُوبِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْغُيُوبِ الْوَاقِعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَالْحِسَابِ، وَأَخْذِ الْكُتُبِ بِالْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ، وَتَفَاصِيلِ مَا فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، غَيْرُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنِ الَّذِي وَبَّخَ الْعَالَمَ عَلَى الْخَطَايَا سِوَاهُ؟! وَمَنِ الَّذِي عَرَّفَ الْأُمَّةَ (مَا يَنْبَغِي لِلَّهِ) حَقَّ التَّعْرِيفِ غَيْرُهُ، وَمَنَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا لَمْ يُطِقْ أَكْثَرُ الْعَالَمَ أَنْ يَقْبَلُوهُ غَيْرُهُ، حَتَّى عَجَزَتْ عَنْهُ عُقُولٌ كَثِيرَةٌ مِمَّنْ صَدَّقَهُ وَآمَنَ بِهِ، فَسَامُوهُ أَنْوَاعَ التَّحْرِيفِ وَالتَّأْوِيلِ بِعَجْزِ عُقُولِهِمْ عَنْ حَمْلِهِ، كَمَا قَالَ أَخُوهُ الْمَسِيحُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ؟ وَمَنِ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ قَوْلًا وَعَمَلًا وَاعْتِقَادًا فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدْرِهِ، غَيْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَمَنْ هُوَ أَرَكُونُ الْعَالَمِ الَّذِي أَتَى بَعْدَ الْمَسِيحِ غَيْرُهُ؟ وَأَرَكُونُ الْعَالَمِ هُوَ عَظِيمُ الْعَالَمِ وَكَبِيرُ الْعَالَمِ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمَسِيحِ فِي هَذِهِ الْبِشَارَةِ الَّتِي لَا يُنْكِرُونَهَا: أَنَّ أَرَكُونَ الْعَالَمِ سَيَأْتِي وَلَيْسَ لِي مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>