وَقَوْلُهُ: بِأَيْدِيهِمْ سُيُوفٌ ذَاتُ شَفْرَتَيْنِ، فَهِيَ السُّيُوفُ الْعَرَبِيَّةُ الَّتِي فَتَحَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِهَا الْبِلَادَ، وَهِيَ إِلَى الْيَوْمِ مَعْرُوفَةٌ لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ: يُسَبِّحُونَ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ، هُوَ نَعْتُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ.
وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذِهِ الْبِشَارَةَ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى النَّصَارَى وَلَا تُنَاسِبُهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يُكَبِّرُونَ اللَّهَ بِأَصْوَاتٍ مُرْتَفِعَةٍ، وَلَا بِأَيْدِيهِمْ سُيُوفٌ ذَاتُ شَفْرَتَيْنِ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَالنَّصَارَى تُصِيبُ مَنْ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ بِالسُّيُوفِ، وَفِيهِمْ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ التَّنْفِيرِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِجَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَاتَلَ الْكُفَّارَ، وَبَعْدَهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَبَعْدَهُ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَبْلَهُمْ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قَوْلُ دَاوُدَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ إِلَى الْأَبَدِ فَتَقَلَّدْ أَيُّهَا الْجَبَّارُ السَّيْفَ، لِأَنَّ الْبَهَاءَ لِوَجْهِكَ، وَالْحَمْدَ الْغَالِبُ عَلَيْكَ، ارْكَبْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، وَسَمْتَ التَّأَلُّهِ، فَإِنَّ نَامُوسَكَ وَشَرَائِعَكَ مَقْرُونَةٌ بِهَيْبَةِ يَمِينِكَ، وَسِهَامَكَ مَسْنُونَةٌ، وَالْأُمَمَ يَخِرُّونَ تَحْتَكَ.
وَلَيْسَ مُتَقَلِّدًا بِسَيْفٍ بَعْدَ دَاوُدَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي خَرَّتِ الْأُمَمُ تَحْتَهُ، وَقُرِنَتْ شَرَائِعُهُ بِالْهَيْبَةِ، إِمَّا الْقَبُولُ، وَإِمَّا الْجِزْيَةُ، وَإِمَّا السَّيْفُ. وَهَذَا مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ.
وَقَدْ أَخْبَرَ دَاوُدُ أَنَّ لَهُ نَامُوسًا وَشَرَائِعَ، وَخَاطَبَهُ بِلَفْظِ الْجَبَّارِ، إِشَارَةً إِلَى قُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute