للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ الْمُسْتَضْعَفِ الْمَقْهُورِ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ، وَأُمَّتُهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، بِخِلَافِ الْأَذِلَّاءِ الْمَقْهُورِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ الَّذِينَ يَذِلُّونَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَيَتَكَبَّرُونَ عَلَى قُدُومِ الْحَقِّ.

قَوْلُ دَاوُدَ فِي مَزْمُورٍ آخَرَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَظْهَرَ مِنْ صُهْيُونَ إِكْلِيلًا مَحْمُودًا.

وَضَرَبَ الْإِكْلِيلَ مَثَلًا لِلرِّئَاسَةِ وَالْأَمَانَةِ، وَمَحْمُودٌ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي صِفَتِهِ: وَيَجُوزُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ مِنْ لَدُنِ الْأَنْهَارِ إِلَى مُنْقَطِعِ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ لَتَخِرُّ أَهْلُ الْجَزَائِرِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى رُكَبِهِمْ، وَيَلْمَسُ أَعْدَاؤُهُ التُّرَابَ، تَأْتِيهِ مُلُوكُ الْفُرْسِ وَتَسْجُدُ لَهُ، وَتَدِينُ لَهُ الْأُمَمُ بِالطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ، وَيُخَلِّصُ الْمُضْطَهَدَ الْيَائِسَ مِمَّنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَيُنْقِذُ الضَّعِيفَ الَّذِي لَا نَاصِرَ لَهُ، وَيَرْأَفُ بِالْمِسْكِينِ وَالضُّعَفَاءِ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيُبَارَكُ.

وَلَا يُشْكِلُ عَلَى عَاقِلٍ تَدَبَّرَ أُمُورَ الْمَمَالِكِ وَالنُّبُوَّاتِ، وَعَرَفَ سِيرَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسِيرَةَ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ لَا تَنْطَبِقُ إِلَّا عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ، لَا عَلَى الْمَسِيحِ وَلَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>